إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت إلى صراط مستقيم.
يا هشام من أكرمه الله بثلاث فقد لطف به : عقل يكفيه مؤونة هواه ، وعلم يكفيه مؤونة جهله ، وغنى يكفيه مخافة الفقر.
يا هشام احذر هذه الدنيا واحذر أهلها ، فإن الناس فيها على أربعة أصناف : رجل متردي معانق لهواه ، ومتعلم مقري (١) كلما ازداد علما ازداد كبرا ، يستعلى (٢) بقراءته وعلمه على من هودونه ، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته ، يحب أن يعظم ويوقر ، وذو بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به ، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرف [ ه ] فهو محزون مغموم بذلك ، فهو أمثل أهل زمانه (٣) وأوجههم عقلا.
ياهشام أعرف العقل وجنده ، والجهل وجنده تكن من المهتدين ، قال هشام : فقلت جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا؟
فقال عليهالسلام : ياهشام إن الله خلق العقل وهو أول خلق خلقه الله من الروحانيين عن يمين العرش من نوره (٤) فقال له : أدبر فأدبر. ثم قال له :
أقبل فأقبل. فقال الله عزوجل : خلقتك خلقا [ عظيما ] وكرمتك على جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلماني ، فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل ، فلم يقبل. فقال له : استكبرت فلعنه. ثم جعل للعقل خمسة
____________________
(١) فاعل من قرأوفى بعض النسخ «متقرى».
(٢) في بعض النسخ «يستعلن».
(٣) الامثل : الافضل.
(٤) عن يمين العرش أى أقوى جانبيه وأشرفهما. و «من نوره» أى من نور ذاته.
«فقال له الخ» مضى بيان ما فيه في أوائل ج ٧٧ من كلمات رسول الله صلىاللهعليهوآله في حكمه مواعظه فليطلبه هنا. قوله عليهالسلام : «فلا يكون خلفا أعظم منه» اذبه يقوم كل شئ فيكون أكرم من كل مخلوق. والجهل يكون منبع الشرور فله قابلية لكل شر.