خلق امرء عبثا فيلهو ، ولا ترك سدى فيلغو ، وما دنياه التي تحسنت له بخلف من الاخرة التي قبحها سوء ظنه عنده ، وما المغرور بزخرفها الذي بناج من عذاب ربه عند مرده إليه.
٥٦ ـ وقال عليهالسلام : عليكم بالعلم فانه صلة بين الاخوان ، ودال على المروة وتحفة في المجالس ، وصاحب في السفر ، ومونس في الغربة ، وإن الله تعالى يحب المؤمن العالم الفقيه ، الزاهد الخاشع ، الحيي العليم ، الحسن الخلق ، المقتصد المنصف.
٥٧ ـ وقال عليهالسلام : من تواضع للمتعلمين وذل للعلماء ساد بعلمه ، فالعلم يرفع الوضيع ، وتركه يضع الرفيع ، ورأس العلم التواضع ، وبصره البراءة من الحسد وسمعه الفهم ، ولسانه الصدق ، وقلبه حسن النية ، وعقله معرفة أسباب الامور ، و من ثمراته التقوى ، واجتناب الهوى ، واتباع الهدى ، ومجانبة الذنوب ، ومودة الاخوان والاستماع من العلماء ، والقبول منهم ، ومن ثمراته ترك الانتقام عند القدرة واستقباح مقارفة الباطل ، واستحسان متابعة الحق. وقول الصدق ، والتجافي عن سرور في غفلة ، وعن فعل ما يعقب ندامة ، والعلم يزيد العاقل عقلا ، ويورث متعلمه صفات حمد ، فيجعل الحليم أميرا ، وذا المشورة وزيرا ، ويقمع الحرص ، ويخلع المكر ، ويميت البخل ، ويجعل مطلق الوحش مأسورا (١) وبعيد السداد قريبا.
٥٨ ـ وقال عليهالسلام (٢) العقل عقلان عقل الطبع وعقل التجربة وكلاهما يؤدي إلى المنفعة ، والموثوق به صاحب العقل والدين ، ومن فاته العقل والمروة فرأس ماله المعصية ، وصديق كل امرء عقله ، وعدوه جهله ، وليس العاقل من يعرف الخير من الشر ، ولكن العاقل من يعرف خير الشرين ، ومجالسة العقلاء تزيد في الشرف ، والعقل الكامل قاهر الطبع السوء ، وعلى العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين والرأي والاخلاق والادب فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب
____________________
(١) المأسور : الاسير.
(٢) مطالب السؤول ص ٤٩.