وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عندالله أتقيكم (١) » فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب ، وكذلك أهل طاعته وطاعة رسول الله ، يقول الله في كتابه : « إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (٢). وقال : «وأطيعوا الله واطيعوا الرسول فان توليتم فإن الله لا يحب الكافرين (٣)».
ثم صاح بأعلى صوته : يا معاشر المهاجرين والانصار ، ويا معاشر المسلمين أتمنون على الله وعلى رسوله بإسلامكم ، ولله ولرسوله المن عليكم إن كنتم صادقين.
ثم قال : ألا إنه من استقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أجرينا عليه أحكام القرآن ، وأقسام الاسلام ، ليس لاحد على أحد فضل إلا بتقوى الله وطاعته ، جعلنا الله وإياكم من المتقين ، وأوليائه وأحبائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ثم قال : ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها ، وأصبحت تعظكم وترميكم ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ، ولا الذي دعيتم إليه ألا وإنها ليست بباقية لكم ولا تبقون عليها. فلا يغرنكم عاجلها فقد حذرتموها ووصفت لكم وجربتموها ، فأصبحتم لا تحمدون عاقبتها. فسابقوا ـ رحمكم الله ـ إلى منازلكم التي امرتم أن تعمروها فهي العامرة التي لا تخرب أبدا ، والباقية التي لا تنفد رغبكم الله فيها ودعاكم إليها ، وجعل لكم الثواب فيها.
فانظروا يا معاشر المهاجرين والانصار ، وأهل دين الله ما وصفتم به في كتاب الله ونزلتم به عند رسول الله صلىاللهعليهوآله وجاهدتم عليه فيما فضلتم به أبالحسب والنسب؟ أم بعمل وطاعة ، فاستتموا نعمه عليكم ـ رحمكم الله ـ بالصبر لانفسكم والمحافظة على
____________________
(١) سورة الحجرات : ١٤. (٢) سورة آل عمران : ٣١.
(٣) مضمون مأخوذ من الاية ٣٢ سورة آل عمران.