تبيين أورد عليه إشكالان الأول أنه وردت أخبار دالة على فضل الحج على الصلاة فما وجه التوفيق بينهما الثاني أن الحج مشتمل على الصلاة أيضا والحج وإن كان مندوبا فالصلاة فيه فرض فما معنى تفضيل الصلاة الفريضة على عشرين حجة.
ويمكن الجواب عن الأول بوجوه :
الأول حمل الثواب في الصلاة على التفضلي وفي الحج على الاستحقاقي أي يتفضل الله سبحانه على المصلي بأزيد مما يستحقه المؤمن بعشرين حجة فلا ينافي كون ما يتفضل به على الحاج أضعاف ما يعطي المصلي.
فإن قيل قد مر ما يدل على أن الإنسان لا يستحق شيئا بعمله وإنما يتفضل الله تعالى بالثواب عليه قلنا يمكن أن يكون للتفضل أيضا مراتب إحداها ما يتوقعه الإنسان في عمله وإن كان على سبيل التفضل أو ما يظنه الناس أنه يتفضل به عليه ثم بحسب كرم الكريم وسعة جوده للتفضل مراتب لا تحصى فيمكن أن يسمى الأولى استحقاقيا كما إذا مدح شاعر كريما فهو لا يستحق شيئا عقلا ولا شرعا لكن الناس يتوقعون له بحسب ما يعرفونه من كرم الكريم أنه يعطيه مائة درهم فإذا أعطاه ألفا يقولون أعطاه عشرة أضعاف استحقاقه.
الثاني أن تحمل الفريضة على الصلوات الخمس اليومية كما هو المتبادر في أكثر الموارد والصلاة التي فضل عليها الحج على غيرها بقرينة أن الأذان والإقامة المشتملين على حي على خير العمل مختصان بها فيكون الغرض الحث على الصلوات اليومية والمحافظة عليها والإتيان بشرائطها وحدودها وآدابها وحفظ مواقيتها فإن كثيرا من الحاج يضيعون فرائضهم اليومية في طريقهم إلى الحج إما بتفويت أوقاتها أو بأدائها على المركب أو في المحمل أو بالتيمم أو مع عدم طهارة الثوب أو البدن إلى غير ذلك.
فإن قيل فما وجه الجمع بين هذا الخبر على هذا الوجه وبين الخبر المشهور