والذين يحسبون أنهم إذا قالوا : إن العدد كمية منفصلة ذات ترتيب ، فقد تخلصوا من هذا ، فما تخلصوا. فإن الكمية يحوج تصورها للنفس إلى أن تعرف بالجزء والقسمة أو المساواة. أما الجزء والقسمة فإنما يمكن تصورها بالكمية (١) ، وأما المساواة فإن الكمية أعرف منها عند العقل الصريح لأن (٢) المساواة من الأعراض الخاصة (٣) بالكمية التي يجب أن توجد (٤) في حدها الكمية.
فيقال : إن المساواة هي اتحاد في الكمية والترتيب الذي أخذ في حد العدد أيضا ، هو مما لا يفهم إلا بعد فهم العدد. فيجب أن يعلم أن هذه كلها تنبيهات مثل التنبيهات بالأمثلة والأسماء المترادفة ، وأن هذه المعاني متصورة كلها أو بعضها لذواتها ، وإنما يدل عليها بهذه الأشياء لينبه عليها (٥) وتميز فقط.
فنقول الآن : إن الوحدة إما أن تقال على الأعراض ، وإما أن تقال على الجواهر. فإذا قيلت على الأعراض فلا تكون جوهرا ، ولا شك في ذلك ، وإذا قيلت على الجواهر فليست تقال عليها كفصل ولا جنس البتة ، إذ لا دخول لها في تحقيق ماهية جوهر من الجواهر ، بل هو أمر لازم للجوهر ، كما قد علمت. فلا يكون إذن قولها (٦) عليها قول الجنس والفصل ، بل قول « عرضي ». فيكون الواحد جوهرا ، والوحدة (٧) هي المعنى الذي هو العرض ، فإن العرض الذي هو أحد الخمسة ـ وإن كان كونه عرضا بذلك المعنى ـ قد يجوز عليه أن يكون جوهرا ، وإنما (٨) يجوز ذلك (٩) إذا أخذ مركبا ، كالأبيض. وأما طبيعة المعنى (١٠) البسيط منه
__________________
(١) بالكمية : بالكثرة ب ، هامش ص
(٢) لأن : ولأن د
(٣) الخاصة : الخاصية م
(٤) توجد : تؤخذ ص
(٥) لينبه عليها : ساقطة من د
(٦) قولها : قوله ج ، د ، ص ، ط ، م
(٧) جوهرا والوحدة : ساقطة من د
(٨) وإنما : فإنما ب ، د ، ص ، ط ، م
(٩) ذلك : + عليه م
(١٠) المعنى : بالمعنى ج ، ط.