قصد اختيار الجهة. وإن (١) لم يمنع هذه العلة قصد اختيار الجهة ، لم يمنع قصد الحركة وكذلك الحال (٢) في قصد السرعة والبطء هذه الحال ، وليس ذلك على ترتيب القوة والضعف في الأفلاك بسبب ترتيب بعضها على بعض في العلو والسفل حتى ينسب إليه ، بل ذلك مختلف.
ونقول بالجملة : لا يجوز أن يكون منها شيء (٣) لأجل الكائنات ، لا قصد حركة ، ولا قصد جهة من (٤) حركة ، ولا تقدير (٥) سرعة وبطء ، بل ولا قصد فعل البتة لأجلها ، وذلك لأن كل قصد فيكون (٦) من أجل المقصود ، فيكون أنقص وجودا من المقصود ، لأن كل ما (٧) لأجله شيء آخر فهو أتم وجودا من الآخر من حيث هو والآخر على ما هما عليه ، بل به (٨) يتم (٩) للآخر النحو (١٠) من الوجود الداعي (١١) إلى القصد. ولا يجوز أن يستفاد الوجود الأكمل من الشيء الأخس ، فلا يكون البتة إلى معلول قصد صادق غير مظنون ، وإلا كان (١٢) القصد معطيا ومفيدا (١٣) لوجود ما هو أكمل وجودا منه.
وإنما يقصد بالواجب شيء يكون القصد مهيئا له ومفيد وجوده شيء آخر : مثل الطبيب للصحة ، فالطبيب (١٤) لا يعطي الصحة بل يهيئ (١٥) لها المادة والآلة ، وإنما يفيد الصحة مبدأ أجل من الطبيب ، وهو الذي يعطي المادة جميع صورها ، وذاته أشرف من المادة. وربما (١٦) كان القاصد مخطئا في قصده إذا قصد ما ليس أشرف من القصد ، فلا يكون القصد لأجله في الطبع بل بالخطإ ، ولأن هذا البيان يحتاج إلى تطويل وتحقيق (١٧) ، وفيه شكوك لا تنحل إلا بالكلام المشبع ، فلنعدل (١٨) إلى الطريق الأوضح فنقول : إن كل قصد فله مقصود ، والعقلي منه هو الذي يكون وجود المقصود عن القاصد أولى بالقاصد من لا وجوده (١٩) عنه ، وإلا فهو هدر (٢٠). والشيء الذي هو أولى بالشيء فإنه يفيد (٢١) كمالا ما ،
__________________
(١) وإن : فأن ب. (٢) الحال : الحالة ح ، ط ، م. (٣) منها شيء : شيء منها ب ، د ، ط ، م ، ه. (٤) من : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م. (٥) ولا تقدير : تقدر د. (٦) فيكون : ويكون ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٧) كل ما : + به ح ، ص ، ط. (٩) به يتم : يتم به م. (٨) به : ساقطة من د. (١٠) النحو : + الآخر ح ، د ، ص ، ط. (١١) الداعى : والداعى د. (١٢) كان : لكان د. (١٣) ومفيدا : ويفيد د. (١٤) فالطبيب : فأن الطبيب ح ، ص. (١٥) يهيئ : مهيئ ط. (١٦) وربما : ربما م. (١٧) تطويل وتحقيق : نظر وتطويل د. (١٨) فلنعدل : + الآن ح ، د ، ص ، ط ، م. (١٩) وجوده : وجود ح. (٢٠) فهو هدر : فهدر د
(٢١) يفيد : يفيده ، ب ، د ، م.