ويحتمل أن يكون المراد بالسماء جهة العلو.
وقال في النهاية : فيه أن المؤذن يغفر له مد صوته ، المد القدر يريد به قدر الذنوب أي يغفر له ذلك إلى منتهى مد صوته ، وهو تمثيل لسعة المغفرة كقوله الآخر لو لقيتني بتراب الارض خطايا لقيتك بها بمغفرة ، ويروى « مدى صوته » والمدى الغاية أي يستكمل مغفرة الله إذا استوفي وسعه في رفع صوته ، فيبلغ الغاية في الصوت ، وقيل هو تمثيل أي إن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو قدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقام المؤذن ذنوب تملا تلك المسافة لغفرها الله لها انتهى.
قوله عليهالسلام : « ويصدقه » الظاهر أن المراد أنه يصدقه فيما يذكره من المضامين الحقة التي تضمنها الاذان من الشهادتين ، وكون الصلاة خير الاعمال ، وسببا للفلاح وأنه يلزم أداؤها ، فهو مختص بالملائكة والمؤمنين.
ويمكن القول بالتعميم بأن لا يكون المراد التصديق باللسان والقلب فقط ، بل مايشمل لسان الحال أيضا ، فان جميع الممكنات تنادي بلسان الامكان بأن لها خالقا هو أكبر من كل شئ ، وأعظم من أن يوصف ، وبما فيها من الاحكام وحسن النظام بأن إلهها وخالقها واحد ، ولا يستحق العبادة غيره ، وأنه حكيم عليم رؤف رحيم ، فلا يناسب حكمته أن لايعرضهم للمثوبات الاخروية ، واللذات الباقية ، ولايتأتى ذلك إلا ببعثة الرسل ، والمناسب للخالق الرحمن الرحيم غاية التعظيم والتذلل عنده ، ولا يكون ذلك إلا بالصلاة المشتمل على غاية ما يتصور من ذلك ، فتشهد جميع البرايا بلسان حالها على حقية ما ينادى به في الاذان ، ويسمع نداءها بالتصديق جميع المؤمنين بسمع الايمان والايقان.
ويحتمل أن يكون المراد تصديقها إياه يوم القيامة ، إما المؤمنون فقط أو جميع المكلفين للايمان الاضطراري الحاصل لهم ، أو الجمادات أيضا بانطاق الله تعالى إياها تكميلا لسرور المؤذنين ، وتطييبا لقلوبهم.
ويؤيد الاخير مارواه البخاري ، عن أبي سعيد الخدي قال : قال رسو الله صلىاللهعليهوآله : لايسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شئ إلا يشهد