وقال الشهيد الثاني ره : أعلم أن البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت لا مجرد خروج الدمع مع احتمال الاكتفاء به في البطلان ، ووجه الاحتمالين اختلاف معنى البكاء مقصورا وممدودا ، والشك في إرادة أيهما من الاخبار ، قال الجوهري البكاء يمد ويقصر ، فاذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء ، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها انتهى.
وهذا الفرق لايظهر من كلام غيره من اللغويين والعرف لايفرق بينهما والظاهر من كلام الاصحاب الاعم فالاحوط تركهما ، ولو عرض بغير اختيار فالاحوط الاتمام ثم الاعادة ، والله تعالى يعلم وحججه حقائق الاحكام (١).
____________________
(١) ومما يتعلق بقوله تعالى : « واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ان الله كان على كل شئ حسيبا » أن لفظ « تحية » بتنكيرها تدل على أن كل تحية سواء كانت تحية الجاهلية أو تحية الاسلام أو تحية أهل الكتاب أو الصابئين مثلا يجب أن يرد جوابها ، الا أن الجواب أبدا ، لايكون الا بما علمه الله عزوجل بقوله : « فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة » على ماعرفت سابقا ، وهو تحية أهل الجنة وتحية الانبياء والمرسلين والملائكة المقربين ، وهو سلام عليكم « أو » السلام عليكم.
فهذه التحية أعنى التسليم ان وقع في جواب تحية المسلمين بالسلام يكون ردا لها بمثلها ، وان وقع في جواب تحيات غيرهم وبغير السلام يكون ردا لها بأحسن منها ، فان تحية الاسلام أحسن التحيات كما عرفت وجهه ص ٢٧٢.
فالمراد بالاحسن ليس من حيث الصيغة حتى يقال ان « السلام عليكم » أحسن من « سلام عليكم » وهكذا ، بل من حيث أصل التحية ، فاذا ورد على المصلى أحد وحياه بتحية أي تحية كانت وبأى صيغة كانت يحب عليه رد تحيته بالسلام يقول : « سلام عليكم » أو بحذف الخبر ، ولذك رد النبي صلىاللهعليهوآله على عمار بقوله « سلام عليك » ، ولو كان المراد هو الاحسن من حيث الصيغة ، لاخذ به النبى صلىاللهعليهوآله فانه هو المبلغ عن الله عزوجل فهو أولى من كل أحد أن يأخذ بما جاء به من عند الله العزيز الحكيم ، خصوصا والمسلم هو عمار الذى ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه يشتاق اليه الجنة.