السماء السادسة فيقول الملك : قفوا أنا صاحب الرحمة اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واطمسوا عينيه لان صاحبه لم يرحم شيئا إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنبا للآخرة أو ضرا في الدنيا شمت به ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني.
قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد بفقه واجتهاد وورع ، وله صوت كالرعد ، وضوء كضوء البرق ، ومعه ثلاثة آلاف ملك ، فتمر به إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك : قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحب ، أنا ملك الحجاب ، أحجب كل عمل ليس لله إنه أراد رفعة عند القواد ، وذكرا في المجالس ، وصيتا في المدائن أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري مالم يكن لله خالصا.
قال : وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وحسن خلق وصمت وذكر كثير تشيعه ملائكة السماوات والملائكة السبعة بجماعتهم ، فيطوف الحجب كلها حتى يقوموا بين يديه سبحانه ، فيشهدوا له بعمل ودعاء ، يقول الله أنتم حفظة عمل عبدي ، وأنا رقيب على مافي نفسه ، إنه لم يردني بهذا العمل ، عليه لعنتي فتقول الملائكة : عليه لعنتك ولعنتنا.
قال : ثم بكى معاذ قال : قلت : يارسول الله صلىاللهعليهوآله ما أعمل قال : اقتد بنبيك يامعاذ في اليقين ، قال : قلت أنت رسول الله وأنا معاذ قال صلىاللهعليهوآله : وإن كان في عملك تقصير يا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك ، وعن حملة القرآن ، ولتكن ذنوبك عليك لاتحملها على إخوانك ، ولاتزك نفسك بتذميم إخوانك ، ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك ، ولا تراء بعملك ، ولا تدخل من الدنيا في الآخرة ، ولاتفحش في مجلسك لكي يحذروك بسوء خلقك ، ولاتناج مع رجل وأنت مع آخر ، ولاتتعظم على الناس فينقطع عنك خيرات الدنيا ولاتمزق الناس فتمزقك كلاب أهل النار ، قال الله تعالى : « والناشطات نشطا » (١) أقتدري ما الناشطات؟ كلاب أهل النار تنشط اللحم والعظم قلت : ومن يطيق هذه الخصال؟ قال : يا معاذ أما إنه يسير على من يسره الله عليه.
قال : وما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث.
____________________
(١) النازعات : ٢.