ثم يتوجه كما كنا نبهنا عليه ويقول : « وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض على ملة إبراهيم ودين محمد ومنهاج على حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وأنا من المسلمين أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » (١).
توضيح : قال الكفعمي : الملك هو التام الملك الجامع لاصناف المملوكات أو المتصرف بالامر والنهي في المأمورين ، أو الذي يستغني في ذاته عن كل موجود في ذاته وصفاته انتهى ، وقيل : هو القادر العظيم الشأن الذي له التسلط على ماسواه بالايجاد والافناء الحق الثابت الذي لايعتريه الزوال والانتقال. وقال في النهاية : الحق هو الموجود حقيقة المتحقق وجوده وإلهيته ، والحق ضد الباطل وفي رواية الكفعمي وغيره بعد ذلك المبين ، وهو المظهر حكمته بما أبان من تدبيره وأوضح من بنيانه أو الذي أظهر الاشياء وأخرجها من العدم.
« لبيك وسعديك » أي إقامة على طاعتك بعد إقامة ، وإسعادا لك بعد إسعاد ، يعني مساعدة على امتثال أمرك بعد المساعدة وفي النهاية : « لبيك » أي إجابتي لك يارب ، وهو مأخوذ من لب بالمكان وألب إذا أقام به ، وألب على كذا إذا لم يفارقه ، ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير أي إجابة بعد إجابة ، وهو منصوب على المصدر بعامل لايظهر كأنك قلت : الب إلبابا بعد إلباب ، وقيل : معناه اتجاهي وقصدي يارب إليك من قولهم : داري تلب دارك أي تواجهها ، وقيل : معناه إخلاصي لك من قولهم حسب لباب إذا كان خالصا محضا ، ومنه لب الطعام ولبابه انتهى وزاد في القاموس معنى آخر قال : أو معناه محبتي لك. من امرءة لبة : محبة زوجها.
وفي النهاية : « سعديك » أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة ، وإسعاد بعد إسعاد ولهذا ثنى وهو من المصادر المنصوبة بفعل لايظهر في الاستعمال ، قال الجرمي لم يسمع سعديك مفردا انتهى « والخير في يديك » أي بقدرتك أو بنعمتك وإحسانك أو بهما أو ببسطك وقبضك ، فانهما محض الخير إذا كانا منك أو النعماء الظاهرة والباطنة كل ذلك
____________________
(١) فلاح السائل ٢٢٧.