خلفهم : المجهول ، والغالي ، وإن يقول : بقولك ، والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا (١).
بيان وتحقيق مهم
الظاهر أن المراد بالمجهول من لا يعلم دينه ، وإلا فلم يكن حاجة إلى ذكر المجاهر بالفسق والغالي الذي يغلو في حق النبي صلىاللهعليهوآله والائمة صلوات الله عليهم بالقول بالربوبية ونحوها « وان كان يقول بقولك » أي يعتقد إمامة الائمة وخلافتهم وفضلهم « وإن كان مقتصدا » أي متوسطا في العقايد بأن لا يكون غاليا ولا مفرطا.
ثم أعلم أنه لا خلاف بين الاصحاب في اشتراط إيمان الامام وعدالته ، والايمان هنا الاقرار بالاصول الخمسة على وجه يعد إماميا ، وأما العدالة (٢) فقد اختلف كلام الاصحاب فيها اختلافا كثيرا ، في باب الامامة ، وباب الشهادة ، والظاهر أنه لا فرق عندهم في معنى العدالة في المقامين ، وإن كان يظهر من الاخبار أن الامر في الصلاة أسهل منه في الشهادة.
ولعل السر فيه أن الشهادة يبتني عليها الفروج والدماء والاموال والحدود والمواريث ، فينبغي الاهتمام فيها ، بخلاف الصلاة ، فانه ليس الغرض إلا اجتماع المؤمنين وائتلافهم واستجابة دعواتهم ، ونقص الامام وفسقه وكفره وحدثه وجنابته لا يضر بصلاة المأموم كما سيأتي ، فلذا اكتفي فيه بحسن ظاهر الامام وعدم العلم بفسقه.
____________________
(١) الخصال ج ١ ص ٧٤ ، وتراه في التهذيب ج ١ ص ٢٥٤ و ٣٣٣ ط حجر وتراه في التهذيب ج ٣ ص ٣١ ط نجف ، وتراه في الفقيه ج ١ ص ٢٤٨.
(٢) لا يذهب عليك أن الاحاديث الواردة في باب جواز الاقتداء خالية عن لفظ العدالة وان كان لا يشذ مضامينها عن معناها الاصطلاحى ، وأما الاجماع ، فلما لم يكن الاجماع دليلا لفظيا ، بل كان دليلا لبيا ، لا يصح الاستناد اليه من حيث مفهوم العدالة الاصطلاحى وعمومه فلا نحتاج إلى تفسير العدالة في هذا الباب ، وانما على الفقيه أن يبحث عن أخبار الباب والسيرة القائمة عند الاصحاب.