وتمسك القائلون بالثاني بأن حصول الثلاث سبب لتحقق حكم الكثرة ، والسبب مقدم على المسبب ، ولا يخفى وهنه ، إذ تقدم السبب ذاتي ولا ينافي المعية الزمانية مع أن تقدم الزماني لا يخل هنا بالمقصود.
ثم إذ قد عرفت أقوال مشاهير الاصحاب ، فلنرجع إلى بيان مدلول صحيحة ابن أبي عمير المشتملة على بيان حد الكثرة ، فاعلم أن الخبر في غاية الاجمال ، و يشكل التمسك به في مقام الاستدلال ، إذ الثلاث المذكور فيها لا يعلم أن المراد بها الصلوات ، أو الركعات ، أو أفعال الصلاة ، أو مطلق الافعال ، لكن الظاهر أن المراد بها الصلوات ، ثم بعد بنائه على ذلك أيضا فيه احتمالات.
الاول : وهو أظهر الاحتمالات أن يكون المراد أن يسهو في كل ثلاث صلوات متواليات سهوا واحدا ، ولا يكون ثلاث صلوات متواليات منه خالية عن السهو ، كأن يسهو مثلا في الصبح ثم في المغرب ثم في الظهر ، وهكذا.
ولا يخفى أنه على هذا يظهر منه تحديد انقطاع كثرة السهو ، ولا يظهر منه تحديد حصولها إذ لو كان المراد استمرار ذلك إلى آخر العمر فلا يعلم كونه كثير السهو إلا بعد موته ، ولو حمل على اليوم والليلة فلا دلالة للخبر عليه ، مع أنه لا يتعدد الشك فيهما ، وظاهر الخبر كون ذلك في زمان يتعدد حصول الشك فيه ، والتحديد بالاسبوع والشهر وغيرهما تعيين بغير دليل ، فلابد من الحوالة إلى العرف ، أي تكررت تلك الحالة منه بحيث يقال في العرف أن ليس ثلاث صلوات منه خالية من الشك.
فعلى هذا فالخبر مستقل في تحديد الانقطاع ، ولما لم يكن مستقلا في تحديد حصول كثرة السهو إلا بمعونة العرف ، والعرف مستقل في أصل الحكم ، فيصير الخبر من تلك الجهة خاليا عن الفايدة ، فلابد أن يكون سياق الخبر لبيان حكم الانقطاع فقط ، ويكون الحوالة في حصولها إلى العرف.
ويمكن أن يقال : مدخلية العرف في ذلك لا
يصير التحديد لغوا ، إذ المراد