والظاهر أن الواو في قوله عليهالسلام وافتح المصحف بمعنى أو كما لا يخفى على المتأمل « وأول ما ترى » لعل المراد به أول الصفحة اليمنى ، لوقوع النظر غالبا عليه ابتداء ، ويؤيد أن أصل الاستخارة بالمصحف بهذا النحو الرواية السابقة والذي مر في أول الباب وفي كتاب الغايات « فانظر ما ترى فخذ به » ولا ينافيه ما رواه الكليني بسند (١) فيه ضعف وإرسال عن أبى عبدالله عليهالسلام قال : لا تتفأل بالقرآن ، إذ يمكن أن يكون المراد به النهى عن استنباط وقوع الامور في المستقبل واستخراج الامور المخفية والمغيبة ، كما يفعله بعض الناس لا الاستخارة ، وإن مر إشعار بعض الاخبار بجواز الاول أيضا ، ويحتمل أن يكون المعنى التفأل عند سماع آية أو قراءتها كما هو دأب العرب في التفأل والتطير بالامور ، بل هو المتبادر من لفظ التفأل ولا يبعد أن يكون السر فيه أنه يصير سببا لسوء عقيدتهم في القرآن إن لم يظهر بعده أثره ، وهذا الوجه مما خطر بالبال ، وهو عندي أظهر ، والاول هو المسموع من المشايخ رضوان الله عليهم.
أقول : وروى لي بعض الثقات عن الشيخ الفاضل الشيخ جعفر البحرينى رحمه الله أنه رأى في بعض مؤلفات أصحابنا الامامية أنه روى مرسلا عن الصادق عليهالسلام قال : ما لاحدكم إذا ضاق بالامر ذرعا أن لا يتناول المصحف بيده عازما على أمر يقتضيه من عند الله ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثلاثا والاخلاص ثلاثا وآية الكرسي ثلاثا وعنده مفاتح الغيب ثلاثا والقدر ثلاثا والجحد ثلاثا والمعوذتين ثلاثا ثلاثا ويتوجه بالقرآن قائلا اللهم إني أتوجه إليك بالقرآن العظيم من فاتحته إلى خاتمته ، وفيه اسمك الاكبر ، وكلماتك التامات ، يا سامع كل صوت ، ويا جامع كل فوت ، ويا بارئ النفوس بعد الموت ، يا من لا تغشاه الظلمات ، ولا تشتبه عليه الاصوات ، أسئلك أن تخير لي بما أشكل علي به ، فانك عالم بكل معلوم ، غير معلم ، بحق محمد و علي وفاطمة والحسن والحسين وعلى بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق و موسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والخلف
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٦٢٩.