فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي ، مننت بمن هديتني به من الضلالة واستنقذتني به من الهلكة ، واستخلصتني به من الحيرة ، وفككتني به من الجهالة وهو حبيبك ونبيك محمد صلىاللهعليهوآله ، أزلف خلقك عندك وأكرمهم منزلة لديك ، فشهدت معه بالوحدانية ، وأقررت لك بالربوبية ، وله بالرسالة ، وأوجبت له على الطاعة فأطعته كما أمرت وصدقته فيما حتمت ، وخصصته بالكتاب المنزل عليه ، والسبع المثاني الموحات إليه ، وسميته القرآن ، وأكنيته الفرقان العظيم ، فقلت جل اسمك « ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم » وقلت جل قولك له حين اختصصته بما سميته من الاسماء « طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى » وقلت عز قولك « يس والقرآن الحكيم » وقلت تقدست أسماؤك « ص والقرآن ذي الذكر » وقلت عظمت آلاؤك « ق والقرآن المجيد ».
فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته وقرنت القرآن معه ، فما في كتابك من شاهد قسم والقرآن مردف به إلا وهو اسمه ، وذلك شرف شرفته به ، وفضل بعثته إليه ، تعجز الالسن والافهام عن علم وصف مرادك به ، وتكل عن علم ثنائك عليه ، فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه « هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق » وقلت عزيت وجليت « ما فرطنا في الكتاب من شئ » وقلت تباركت وتعاليت في عامة ابتدائه « الر تلك آيات الكتاب الحكيم ، الر كتاب احكمت آياته ثم فصلت ، الر تلك آيات الكتاب المبين ، الر تلك آيات الكتاب ، الر كتاب أنزلناه إليك الر تلك آيات الكتاب ، والم ذلك الكتاب لا ريب فيه ».
وفي أمثالها من السور والطواسين والحواميم في كل ذلك ثنيت بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته لوحيك ، واستودعته سر غيبك ، فأوضح لنا منه شروط فرايضك ، وأبان لنا عن واضح سنتك ، وأفصح لنا عن الحلال والحرام ، و أنار لنا مدلهمات الظلام ، وجنبنا ركوب الاثام ، وألزمنا الطاعة ، ووعدنا من بعدها الشفاعة ، فكنت ممن أطاع أمره ، وأجاب دعوته ، واستمسك بحبله ، فأقمت الصلاة وآتيت الزكاة ، والتزمت الصيام الذي جعلته حقا ، فقلت جل اسمك » كتب عليكم