ـ وأساء أدب الزيارة ، أو سجد للقبر ، أو فعل ما لا يُشرع ، فهذا فعل حسناً وسيئاً ، فيُعَلَّم برفق ، والله غفور رحيم.
فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء إلّا وهو محب لله ولرسوله ، فحبّه المعيار الفارق بين أهل الجنّة وأهل النار.
فزيارة قبره من أفضل القُرَب ، وشدّ الرحال إلىٰ قبور الأنبياء والاَولياء ، لئن سلّمنا أنّه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه : « لا تُشد الرحال إلّا إلىٰ ثلاثة مساجد » فشدّ الرحال إلىٰ نبيّنا مستلزم لشدّ الرحل إلىٰ مسجده ، وذلك مشروع بلا نزاع ، إذ لا وصول إلىٰ حجرته إلّا بعد الدخول إلىٰ مسجده ، فليبدأ بتحية المسجد ، ثمَّ بتحية صاحب المسجد ، رزقنا الله ذلك وإيّاكم ، آمين (١).
قد يجاوز بعض الجهلاء الحد حين يغلبه الوجد ، ولا فقه له ولا علم ، فيسجد للقبر ، وهذا أمر منكر لا يقرّه أحد بأي عذر ، والواجب تعليم الجاهل وزجره عن هذا ونظائره من الأفعال التي لا تستقيم مع الشرع ، ولا مع أدب الزيارة ، ولهذا ونظائره أوجب الله تعالىٰ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأوجب علىٰ العالم أن يظهر علمه ، وإلّا لعنه الله وأبعده عن ساحة رضاه.
أما ابن تيمية فقد جعل هذا ذريعة إلىٰ تحريم الذهاب إلىٰ قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقصد الزيارة حتىٰ من قرب ، قائلاً : إن من أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد ، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالىٰ : ( وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا
_________________________________
(١) سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ترجمة الحسن المثنىٰ.