بالسائلين هذا اليوم أو من الأحياء ، إذ لا دليل علىٰ هذا يحمله الحديث ، ولا مخصص له من خارجه أيضاً ، وسيأتي الكلام في هذا في الفقرة اللاحقة.
كما أنّ في الحديث شاهد آخر علىٰ التوسُّل بالأعمال الصالحة : « بحقِّ ممشاي هذا... ».
وهذا هو أكثر ما وقع فيه الخلاف ، لاسيما من قبل ابن تيمية ومقلِّديه من سلفية ووهابية ، والتحقيق يثبت أنّهم ليسوا علىٰ شيء في ما ذهبوا إليه ، وليس لهم إلّا الرأي الذي لا يشفع له دليل ، بل الدليل الذي لا يستطيعون إنكاره قائم علىٰ خلاف ما يقولون ، وسنرىٰ هنا كيف يجادل ابن تيمية في أدلة هذا القسم بعد أن يثبت صحة كل واحد منها ، دون أن يستند علىٰ شيء البتة..
وبعد أن قدّمنا الكلام في دلالة الحديث السابق « بحقِّ السائلين عليك » علىٰ التوسُّل بالموتىٰ ، إذ ليس في الحديث ولا خارجه ما يفيد حصره بالأحياء ، نشرع باختصار كلام ابن تيمية في هذا الموضوع ، والردِّ عليه ، مقدِّمين في الردِّ ما أثبت صحته بنفسه.
يقسِّم ابن تيمية التوسُّل بالاَنبياء والصالحين إلىٰ ثلاث درجات ، ويقطع بحرمتها جميعاً ، وهي :
الدرجة الأولىٰ :
أن يسأل الميتَ حاجتَه ، مثل أن يسأله أن يزيل مرضه ، أو مرض دوابه ، أو يقضي دَينه ، أو ينتقم له من عدوِّه ، ونحو ذلك ، ممّا لا يقدر عليه إلّا الله عزَّ وجلَّ.