المقدِّمة
في مرافئ الحياة ، كل مرافئها ، أقامت الشريعة السمحة مآذن تحثُّ علىٰ خير العمل ، ومنابر للدرس والإرشاد ، ومشاعل تنير الجوانب والمداخل وبين النواحي والأطراف..
ذلك هو شأن الشريعة ، وسبيلها إلىٰ مقاصدها في إحياء الأنفس ، ولمِّ شتات المجتمعات ، وإعمار الأرض ، وتسوية الطريق إلىٰ أحسن العواقب بعد الموت ، وبعد فناء الدنيا..
وليست تعرف الشريعة فيصلاً بين عبادة المرء ربّه ، وبين ممارساته شؤونَه الخاصة والعامة ، فرداً له كيانه الخاص ، وعضواً في أُسرة وفي مجتمع.
فليس في الشريعة شيء من العبادات أو القربات من شأنه أن ينعزل بالمرء عن تلك المقاصد والسبل.. ليس فيها خرافة يهوّم بها الإنسان بعيداً عن واقعه كعضو في مجتمع ، وكفردٍ سائر إلىٰ غاية هي مصيره الأبدي..
ليس فيها ما يحنِّط مشاعره ، ويجمِّد أحاسيسه ، ويميت خُلُقَه.. وكل ما انتهىٰ بالمرء إلىٰ نتائج خطيرة كهذه فهو ليس من الشريعة في شيء ، وإن اتخذ له من بعض أحكامها عنواناً..
وزيارة القبور لا تشذُّ عن هذه القواعد
العامَّة ولا يخرج عن إطارها ، ومثلها