فضلاً عن أنَّ نصوص الزيارات والأدعية الخاصَّة بالزيارة ، تمثِّل مدرسة تلقِّن المسلمين أصول العقيدة الإسلامية والانفتاح علىٰ جميع مفرداتها ومضامينها. ثُمَّ إنَّ من القبور ما يمثل معلماً من معالم الرسالة وشاهداً من شواهد التاريخ ، فزيارة قبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تُعمِّق علاقة الزائر الروحية بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتعزِّز فهمه لأبعاد شخصيَّته ومكارم أخلاقه وإخلاصه لله ، ودوره في تبليغ الرسالة وتجسيد معانيها ، وتفتح ذاكرته علىٰ تاريخ الرسالة بكلِّ ما يزخر به من أحداث تعود بوعيه إلىٰ الأصالة التاريخية في مسيرة الأُمَّة وما فيها من دروس وعبر.
ومن معطياتها التربوية أنَّها تبعث في نفس الزائر حالة التذكير باليوم الآخر حيث يستحضر في وعيه حتمية الموت والموقف بين يدي الله تعالىٰ ، فيمتلئ وجدانه ومشاعره بفيضٍ من قيم الخير والفضيلة والصلاح ، ويندفع باتجاه تنمية نزعات نفسه الخيِّرة وردعها عن سبيل الغي وترويضها علىٰ طلب الخير.
ومن معطياتها الجهادية والسياسية استلهام مواقف الجهاد الفاعلة في تاريخ الإسلام ، والتعاطي مع قيم الشجاعة والبطولة ، والإدانة للسياسات الظالمة في تاريخ الأُمَّة ، والحفاظ علىٰ ديمومة العطاء الثوري لدماء الشهداء.
من هنا فقد أقدم مركزنا علىٰ نشر هذه الدراسة المستوفية والموجزة لتُسهم في تعزيز أدلَّة الزيارة والتوسُّل في ضمير الأُمَّة ، والتحقُّق من كونها سُنَّة ثابتة علىٰ طول المسيرة التاريخية ، مع ما توفَّرت عليه من مناقشة علمية جادَّة لما أُثير حولها من شبهات لتكون دافعاً يشدُّ الأُمَّة بقدوتها ويربطها بتاريخها المشرق ورسالتها الخالدة.
والله سبحانه من وراء القصد وهو المسدِّد للصواب..
مركز الرسالة