يقول : وهذا شرك صريح ، يجب أن يستتاب صاحبه ، فإن تاب وإلّا قُتل (١).
ومعنىٰ هذا أنّ السائل يسأل الميت ، نبياً كان أو من الأولياء الصالحين ، حاجته ، معتقداً أن هذا المسؤول هو الذي بيده الأمر ، وهو الذي سيستجيب دعاءه ويعطيه مراده.
ومثل هذا الاعتقاد لا ينسب إلىٰ المؤمنين ، ولا يراود مؤمناً عاقلاً ، لكن قد يزاوله بعض الجهّال من عوام الناس ، لسذاجةٍ فيهم ، دون معرفة بحقيقة هذا الأمر ومآله ، والواجب أن يُعلَّم هؤلاء ويُرشَدوا بالأساليب المناسبة لقدراتهم العقلية ولاستعداداتهم النفسية ، دون الوصول بهم إلىٰ التكفير.
أمّا إذا كان يفعله الغلاة ، من أيِّ فريقٍ كانوا ، فالغلاة قد أخرجهم غلوُّهم من الإيمان قبل أن يخرجهم توسُّلهم هذا ، فأولىٰ أن يستتابوا علىٰ اعتقاداتهم الفاسدة أولاً ، فهي الأصل في هذا وغيره.
الدرجة الثانية :
وهي أن لا تطلب منه الفعل ، ولا تدعوه.. ولكن تطلب أن يدعو لك ، كما تقول للحي : ادعُ لي ، وكما كان الصحابة يطلبون من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الدعاء ، فهذا مشروع في الحي ، وأمّا الميت من الأنبياء والصالحين فلم يشرّع لنا أن نقول : ادعُ لنا. ولا اسئل لنا ربَّك.. فلم يفعل هذا أحد من الصحابة والتابعين ، ولا أمر به أحد من الأئمة ، ولا ورد فيه حديث.
ثمَّ استدلَّ علىٰ كلامه بأنَّ المسلمين حين أجدبوا زمن عمر بن الخطاب ،
_________________________________
(١) زيارة القبور : ١٨.