وبحقِّ ممشاه إلىٰ الصلاة ، والله تعالىٰ قد جعل علىٰ نفسه حقّاً ، قال الله تعالىٰ : ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) ونحو قوله : ( كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا ) (٢).
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له : « يا معاذ أتدري ما حقُّ الله علىٰ العباد ؟ ».
قال : الله ورسوله أعلم.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حقُّ الله علىٰ العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، أتدري ما حقُّ العباد علىٰ الله إذا فعلوا ذلك ؟ فإنّ حقَّهم عليه أن لا يعذّبهم ».
وقد جاء في غير حديث : « كان حقّاً علىٰ الله كذا وكذا » كقوله : « من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد فشربها ـ في الثالثة أو الرابعة ـ كان حقّاً علىٰ الله أن يسقيه من طينة الخبال ».
قيل : وما طينة الخبال ؟
قال : « عصارة أهل النار » (٣).
وكل هذا دليل علىٰ صحة التوسُّل بالصالحين أنفسهم ، وليس بدعائهم وحسب.
بل في هذا الحديث دلالة واضحة علىٰ جواز التوسُّل بهم بعد موتهم ، فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « بحقِّ السائلين » لفظ عام يستوعب كل السائلين من لدن آدم عليهالسلام إلىٰ يوم السائل هذا ، بل يستوعب الملائكة ومؤمني الجن أيضاً ، ولا يمكن حصره
_________________________________
(١) سورة الروم : ٣٠ / ٤٧.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ١٦.
(٣) زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور : ٣٩ ـ ٤٠.