الخبر أنّ عمر قال للعبّاس ( ادعُ لنا ) !
ويزيد في هذا وضوحاً ما ذكره ابن الأثير في هذه الحادثة بعد ذكرها ، إذ قال : فسقاهم الله تعالىٰ به ـ أي بالعبّاس ـ وأخصبت الأرض ، فقال عمر : هذا والله الوسيلة إلىٰ الله ، والمكان منه.
قال : ولمّا سقي طفق الناس يتمسَّحون بالعبّاس ، ويقولون : هنيئاً لك ساقي الحرمين (١).
إذن هو توسُّلٌ بالعبّاس نفسه لقرابته من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليس توسُّلٌ بدعائه ، هذا من ناحية..
ومن ناحيةٍ أُخرى فهو عريٌّ عن الدلالة علىٰ عدم صحة التوسُّل بالميِّت أو بدعائه ، وذلك :
١ ـ لما تقدّم من انحصار دلالته علىٰ ما ثبت في موضوعه.
٢ ـ لما سنورد بعضه ممّا ثبت عن الصحابة أنفسهم من التوسُّل بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبدعائه بعد وفاته..
ـ نبدأ ذلك بالتذكير بما تقدَّم في القسم الأول من حديث الإمام عليٍّ عليهالسلام ، ومن حديث عمر بن حرب الهلالي ، في زيارة اثنين من الأعراب بمحضر من كل منهما ، وتوسُّلهما بدعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ـ وشاهد ثالث أقرّه ابن تيمية نفسه (٢) ، وأخرجه ابن أبي شيبة وغيره. وفيه :
أنّه أصاب الناس قحطٌ في زمان عمر بن الخطاب ، فجاء رجل قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
_________________________________
(١) أسد الغابة / ترجمة العبّاس.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم : ٣٧٣.