الرسول ؟ هل كان الله بعيدا عنهم ؟! وإذا قارنت هذه الآية مع الآية التي في سورة يوسف لوجدتهما ترميان إلى نفس المعنى تقريبا.
قلت لصديقي وقد بقي في نفسي شيء يسير من الشبهة : ربّما جاز التوسّل بالنبيّ أو الوليّ في حياته لكن هل يجوز التوسّل به بعد مماته ؟
أجاب صديقي بسرعة : المهم إنّنا أثبتنا أصل التوسّل عموما ، وأردف قائلا : فهل يجوز العمل بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته ونرمي بها عرض الجدار بعد وفاته ؟!
فهل تستطيع الآن مثلا وأنت أمام روضة النبيّ وقبره الشريف أن ترفع صوتك والله تعالى يقول : ( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) (١) ، وهل تستطيع القول إنّ ذلك كان خاصّا في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟! لا أتصوّر عاقلا يقول بذلك.
ثم لو كان التوسّل به صلىاللهعليهوآلهوسلم حراما بعد حياته لما أجمعت الأمة بكلّ فرقها وعلمائها على هذا الفعل ولم يستشكلوا يوما أو يشكوا في هذا العمل ، وأحمد بن حنبل الذي يدعي الوهّابيون أنّهم يرجعون له في المذهب كان يتوسّل ويدعو عند قبر رسول الله. وعلى القول بالحرمة ، يكون كلّ سلف هذه الأمة وعلمائها مشركون خرجوا من ربقة الإسلام ويبقىٰ ابن تيمية ومن والاه على الحنيفية السمحاء.
وأنا أزيدك أن التوسل بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان جائزا حتّى قبل ولادته. ألا تقرأ قوله تعالى : ( وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) (٢) ،
_____________________
١) سورة الحجرات : ٢.
٢) البقرة : ٨٩.