ولهذا تجد مثلا أنّ الصلاة في البيت الحرام تعدل كذا ألف صلاة في غيره ، لماذا ؟! لأنّ بركته أكبر وأعظم ، وهكذا ...
وقد ذكر لنا القرآن رأي المؤمنين الذين غلبوا على أمرهم في قصة أصحاب الكهف : ( قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ) (١) ، بينما نجد الوهابيين اليوم يهدمون مقامات الأولياء. وهناك أحاديث (٢) حول التبرّك بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وآثاره أذكر لك منها لاحقا إن شاء الله لأنها لا تحضرني الآن.
وكالتوسّل جرت سيرة السلف على التبرك ، فقد كان أحمد بن حنبل مثلا يتبرك بشعر وقصعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) ، والمسلمون احتراما للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يتبركون بقبره ، ويتبركون بالقرآن فيعظمونه ويقبّلونه. فالمسلمون لا يقصدون تعظيم أحجار القبر أو رخامه ، وإلاّ فإنّ المسلم لا يمكن أن يقبّل رخام قصر الإليزيه مثلا ولا يتمسّح بأحجار الأهرام ، ولن ترى مسلما يقبّل شبّاكا عاديّا ولو وضعت عليه أنفس جواهر وزخرف الدنيا.
والعجب ! أنّ الوهابيّة تدّعي أنّها تقتدي بالسلف وهي مخالفة للسلف مائة وثمانون درجة. فإذا كان التوسّل شركا فأحمد بن حنبل مشرك ، وإذا كان التبرك بدعة فأحمد بن حنبل مبتدع.
_____________________
١) سورة الكهف : ٢١ ، أنظر : تفسير الطبري ١٥ / ١٤٧ ، الدر المنثور ٥ / ٣٧٠.
٢) أنظر مثلا : صحيح مسلم ٤ / ١٨١٦ كتاب الفضائل ، مستدرك الحاكم ٤ / ٥١٥.
٣) أنظر : مقدمات الجزء ١ من المسند بتحقيق أحمد محمّد شاكر : آداب أحمد بن حنبل : ٥٧ ، وانظر تبرك معاوية بشعر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : تاريخ الإسلام للذهبي حوادث سنة ٤١ ـ ٦٠ ، وكذلك في الكامل في التاريخ ٤ / ٧.