فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ... ) (١) الآية.
فأنت ترى أنّ الله يشنّع على بني إسرائيل طلبهم للرؤية وأسماهم ظالمين وأخذتهم الصاعقة لطلبهم هذا ، فلو كانت الرؤية ممكنة فلماذا هذا التنكير على بني إسرائيل ، ولماذا أصابتهم الصاعقة ؟!
وآية أخرىٰ : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ) (٢) ، وأنت عربي تعرف ما معنى لن ، ولهذا لم يقل الله لموسى عليهالسلام لا تراني ، لاستحالة الرؤية في الدنيا والآخرة لأنه جاء بلفظة « لن ».
اعترضت على صديقي بهذا السؤال القويّ : إذا كانت الرؤية مستحيلة فلماذا يطلب موسى عليهالسلام ذلك مع أنّ الأنبياء كما تقولون معصومون عالمون ؟!
قال صديقي : سؤال وجيه ! موسى عليهالسلام لم يطلب الرؤية لنفسه ، ولكن عندما أخذ أولئك النفر من بني إسرائيل إلى الطور وسمعوا كلام الله ، قالوا لموسى : لن نؤمن أنّ هذا كلام الله حتّى نراه. لهذا أخذتهم الصاعقة. وبعد ذلك قالوا لموسى : أطلب من ربّك أن تراه لأنك وجيهٌ عنده ، فإذا رأيته أنت خاصّة تصفه لنا بعد ذلك فنؤمن لك. فقام موسى عليهالسلام أمام قومه بهذا الدعاء ليُثبت لهم ـ وهو عالم ـ بأنه يستحيل رؤية الله ، وهو مماشاة من موسى لقومه الجاهلين ولهذا جاء الجواب من الله تعالى لموسى : ( لَن تَرَانِي ).
_____________________
١) سورة النساء : ١٥٣.
٢) سورة الأعراف : ١٤٣.