أجبته معترضاً : يا أخي ، إنّ الله موجود ، وكلّ موجود لا بدّ وأن يُرى.
قال صديقي : هذا هو خطأ من قال برؤية الله. لا ليس صحيحا أنّ كلّ موجود يرى ، فالغضب موجود والفرح موجود والحزن موجود ، والشهوة التي تُذلّ عقل الإنسان بل وتؤدي به إلى المهالك كلّها موجودة ومحسوسة ، فهيّا قل لي : أين توجد ولماذا لا نراها ؟! ، ثمّ واصل كلامه : وأزيدك ، أنت تؤمن أنّ لك روحا هي الأصل فيك وليس جسمك ، فهيّا أشر إلى موضع روحك هل هي في رأسك في الدماغ أم في قلبك أم أين ؟!
قلتُ لصديقي : قليلا قليلا ، أعطني دليلا من القرآن حتّى لا أضيع معك.
علّق صديقي : أحسنت بطلبك هذا ، وقال : والله لا ينقضي عجبي من القائلين بأنّ الله جسم وأنّه يُرى وأنّه وأنّه وهم يتلون الكتاب ، إنّ القرآن يُشنّع بقوّة على هؤلاء ولكن ... يقول تعالى في كتابه المجيد : ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ ) (١).
قاطعت صديقي محاججا : ذاك في الدنيا.
أجاب صديقي : إنّ الآية فيها إطلاق ولم يقل الله أنّ ذلك مختصّ بالدنيا أو بالآخرة. وإليك آية أخرى : ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً
_____________________
عمر ] ، وأنّ الله وجها ويدين وعينين ورجل وقدم وأنّه تعالى يضحك ويعجب ويفرح .... [ العقيدة الواسطيّة لابن تيميّة ].
١) سورة الأنعام : ١٠٣.