من فرط حبّه لله ولرسوله لا تفوته صلاة في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى سُمّي بحمامة المسجد وكيف أنّه صار من مانعي الزكاة (١) وساءت عاقبته.
كما كنت أحفظ أشعارا بالعامّية في مدح الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان بعض الذين يستمعون إليّ ممّن هم أكبر سنّاً يتعجبون من قوّة حافظتي ، حيث كنت أحكي لهم عن أحداث ووقائع وشخصيّات لم يسمعوا بها من قبل.
وكنت أفاخر بأنّ المذهب المالكي هو روح الإسلام ولبّه وأنّه المذهب الوسط بين المذاهب الإسلاميّة ، فلا هو يميل إلى المعتزلة المتعقلين أكثر من اللاّزم ولا يقترب من الحنابلة المجسّمة والخرافيّين المضحكين.
وفي الحقيقة ما كنت أعرف عن المذهب المالكي ولا عن مؤسسه القليل ولا الكثير ، لكن هذا ما كنت أسمعه دائماً من شيوخنا وكبارنا حيث قالوا فقلنا ، وعلى رأي المثل عندنا « الشَّنْقَةُ مع الجماعة خلاعة » (٢) ، ثمّ ما الحاجة إلى البحث والتنقيب ؟! أوليس قد ولدنا مالكيّين وعشنا مالكيين ونموت مالكيّين ؟! أوليس المذهب المالكي من أعظم المذاهب الإسلاميّة حتّى لو أنّ سائلاً سألنا عن معتنقيه لقلنا له بكلّ فخر : إنّ المذهب المالكي يحدّه شمالاً البحر الأبيض المتوسط ، أو قل أوروبا الكاثوليكية وغرباً
_____________________
١) أنظر إلى قوله تعالى فيه : ( وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) [ سورة التوبة : ٧٥ ـ ٧٧ ].
٢) مثل تونسي عامي ومعناه « كلّ شيء مع الجماعة ممتع حتّى المشنقة ».