جميع الإمتيازات التي كان يتمتّع بها وهو فتى من فتيان قريش المترفين ـ إنّه مثال للرّجعيّة الإجتماعية التي ترى في كلّ دعوة إصلاحية ـ وضعيةً كانت أو سماوية ـ ضربة قاصمة للإمتيازات الطبقية التي كان يرفل فيها (١) ـ وهكذا شبّ معاوية ونشأ.
زيادة على ذلك ( الخوف من فقدان الإمتيازات ) ما لاقاه المسلمون الأوائل من شدة وتعذيب ما كان ليشجع معاوية ( اللاّمبدئي ) بأن يدخل هذا الدّين الجديد ، لكن لمّا اشتدّت شوكة المسلمين وعظمت قدرة المسلمين يسرع أبو سفيان إلى خارج مكّة ليبايع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكنّه مازال يرى أنّ محمّدا ملكا حتى أن نهاه العبّاس رضياللهعنه ، وما كان أيسرها من كلمة ـ الشهادتين ـ فيكفي أن يلفظها أبو سفيان وهند ومعاوية بالنتيجة ، حتّى يعصموا دماءهم وأموالهم وكذا مراكزهم الماديّة.
وهكذا يطلع علينا معاوية مُسلماً ، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، لكن الفارق بينه وبينهم أنّه لا سابقة له ولا جهاد ، ولا حتّى رمية سهم أو رمح في سبيل هذه الدعوة الجديدة !
كذلك هناك مفارقة كبيرة جعلته يشعر بالخزي والمذلّة أينما اتّجه ، ألا وهي كونه من الطّلقاء.
لا يبرز أيّ ذكر لمعاوية إلى وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحتّى إلى شوط كبير من حياة الخلفاء ، إلى أن يُعَيَّنَ والياً على الشام ـ جزء منها ـ خلفاً لأخيه يزيد بن أبي سُفيان ، ولا عجب إلاّ من عمر بن الخطاب الّذي ترك أجلاّء الصحابة جليسي بيوتهم ويولّي هذا الشّخص المغمور !! وهو القائل :
_____________________
١) ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ) [ سورة الإسراء : ١٦ ].