وتكسير جمجمته كيما يتحرر ويصل إلى وجوه أهله ويراهم! وذلك حينما كان قد حكم على مثل هذا الشخص بالسجن مدى الحياة مع الاشغال الشاقة ، ومن دون إعطائه الرخصة في أيّما لقاء ، أو مواجهة مع أهله حتّى صار الأخيرون ينأون عنه. فكيف إذا ما كان هذا السجن قد انتصب في قوقعة وطن آخر ، قد امتدت إليه أعناق الغربة كقضبان السجن! تثلم جباه زجاجاته التي انتفخت والموضوعة إلى أعلى من رأس السجين ، ليجدها بالتالي عنقود عنب حتّى يخالها كذلك ، ليبصرها ومن بعد ذلك زجاجة مصباح ، قد جعل ضياؤه ينوس على محياه ، يذكره أضواء مدينته الغائمة ، والغارقة في أُتون الأحراش ، خلف الكثبان المتصارعة إلى ما وراء الطبيعة المنزلقة أوراق شجيراتها من على أعواد أغصانها ، وهي تتجاسر على هدم معاقل تلك الجبال ، وصرح غيرانها ، لأ نّه تحجب ضوء مدينته عن آفاق عينيه ، كيما يستنيم لحظات عند مصباح يتدلى بنوره على عتبة باب بيته ، حيث الأهل والأحبة والرفاق هناك ، فهم ما زالوا ينتظرون مجيئه ، ويشبعون لوح الباب بلمحات من آماق أفئدتهم قبل أعينهم النابضة برحيق ينبع من القلب .. وفجأة ، وإذا بقاسم وكأ نّما كان قد أخبره السجان ، أنّه قد أُفرج عنك! وثمة من بطاقة سفر ، وتأشيرة عودة إلى وطنك ، سيكون بإمكانك الحصول عليهما ريثما ترتدي ملابسك ، وتستعد للسفر ، وتتهيأ للرحيل! وإذا بقاسم الذي حكم عليه بالموت طوال الحياة ، ينقلب إلى إنسان قد حكم عليه بالحياة أبد الدهور .. فلقد غدا قاسم يرتشف من ماء الحياة؟ قد صار يتوضأ وضوء الشيعة ، حتّى خلته قد نال وساماً ، ما كان قد طال نواله والحصول عليه ، ولا حتّى جده ولا أبوه! قد وجدته منح ترخيصة ولوج إلى فردوس الجنان حيث الحور الحسان والولدان المخلّدون ،