ثمّ قال لمعاوية : وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين ) (١).
اُنظر إلى إقرار هذا الماكر المخادع ، واعترافه بالحقّ المغتصب مع إصراره على الباطل ، وخروجه على إمام زمانه علي عليهالسلام!! بل الأعجب من ذلك أنّه يوجد من يسمّي هذا الماكر بـ ( داهية العرب ) ، ورأيت كثيراً من المسلسلات عندنا تتكلّم عن حلم الصحابة فتظهر صورة من صور مكر معاوية فتسمّيه حلم! وخبث عمرو بن العاص فتسمّيه دهاء.
أورد القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودّة ) عن ابن الجوزي ، عن القاضي أبي يعلى في كتابه قال ـ بعد ذكر موبقات يزيد ـ : ( إنّ معاوية بن يزيد لمّا ولي العهد صعد المنبر ، فقال : إنّ هذه الخلافة حبل الله تعالى ، وإنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله ، ومن هو أحقّ به منه ، علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ). ثمّ ذكر اغتصاب أبيه الحقّ من الحسين عليه السلام ) (٢).
وروى الدميري في حياة الحيوان ، قال : ( إنّ معاوية بن يزيد قال على المنبر في مجتمع أهل الشام : ألا إنّ جدّي معاوية قد نازع في هذا الأمر من أولى به منه ومن غيره ، لقرابته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وعظم فضله وسابقته ، أعظم المهاجرين قدراً ، وأشجعهم قلباً ، وأكثرهم علماً ، وأوّلهم إيماناً ، وأشرفهم منزلة ، وأقدمهم صحبة ، ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وصهره وأخوه ، زوّجه ابنته فاطمة ، وجعله لها بعلاً ، باختياره لها ، وجعلها له زوجة باختيارها له ، أبو
__________________
١ ـ المناقب : ١٩٩.
٢ ـ ينابيع المودّة : ٣ : ٣٦ ، باب ٦٠.