لنرى الفرق بين من يقول : ( اسألوني قبل أن تفقدوني ).
( ونحن حجج الله وبيّناته ). وبين من يقول : ( أقيلوني فلست بخيركم ).
( ونقول القول ونرجع عنه غداً ). و( قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه ، فمن جاءنا بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منّا ... )
هذه الاقوال وعليكم التحليل وأخذ النتيجة.
١ ـ أبو حنيفة :
( لا يحلّ لأحد أنّ يأخذ بقولنا ما لم يعرف من أين أخذناه ).
وفي رواية : ( لا ينبغي لمن لم يعرف دليلي أنّ يفتي بكلامي ). وزاد في رواية : ( فإنّنا بشر نقول القول ونرجع عنه غداً ).
قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه ، فمن جاءنا بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منّا ).
وقيل لأبي حنيفة : يا أبا حنيفة هذا الذي تفتي فيه هو الحق الذي لا شك فيه؟ فقال : ( لا أدري ، لعله الباطل الذي لا شك فيه ).
وقال زفر : ( كنّا نختلف إلى أبي حنيفة ومعنا أبو يوسف ومحمّد بن الحسن فكنّا نكتب عنه ، فقال يوماً لأبي يوسف : ويحك يعقوب! لا تكتب كلّ ما تسمعه منّي ، فإنّي قد أرى الرأي اليوم فأتركه غداً ، وأرى الرأي غداً فأتركه بعد غد ) (١).
__________________
١ ـ الانتقاء ، ابن عبد البر : ص ١٤٥ ، إعلام الموقعين ، ابن القيم ٢ / ٣٠٩ ، القول المفيد ، الشوكاني : ص ٤٩ ، مجموعة الرسائل المنيرية ، الصنعاني ١ / ٢٨ ، حجّة الله البالغة ، الشاه دهلوي ١ / ١٥٨ ، إسلامنا ، مصطفى الرافعي : ص ٦٢ ، ملخص إبطال القياس والرأي ، ابن حزم : ص ٦٦ ، تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي ٣ / ٤٢ ، مجموعة فتاوى ابن تيمية ٢٠ / ٢١١ ، الميزان ، الشعراني ١ / ٥٥ ، أدب الاختلاف في الإسلام ، طه العلواني : ص ٧٥. أبو زهرة نقلاً عن تاريخ بغداد ٣ / ٤٢ ، وانظر الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ، حاشية ابن عابدين ١ / ٦٣ ، رسالة رسم المفتي ١ / ٤ من مجموع رسائل ابن عابدين.