وقال القعنبي : ( دخلت على مالك في مرضه الذي مات فيه ، فسلّمت عليه ، فرأيته يبكي ، فقلت : يا أبا عبد الله ما الذي يبكيك؟ فقال لي : يا ابن قعنب ومالي لا أبكي! ومن أحقّ بالبكاء منّي! لوددت أنّي ضربت سوطاً وقد كانت لي السعة فيما سبقت إليه ، وليتني لم أفت بالرأي ). يقول ابن حزم : ( فهذا رجوع منه عن كلّ ما أفتى منه برأي ، وهذا ثبت عنه ).
وروي أنّ مالكاً أفتى في طلاق البتة ـ أي : الطلاق الذي لا رجعة فيه ـ أنّها ثلاث ، فنظر إلى أشهب قد كتبها ، فقال : امحها ، أنا كلما قلت قولاً جعلتموه قرآناً! أما يدريك! لعلّي سأرجع عنها غداً فأقول : هي واحدة ) (١).
٣ ـ الإمام الشافعي :
قال حرملة بن يحيى : قال الشافعي : ( ما قلت وكان النبي ( صلىاللهعليهوآلهوسلم ) قد قال بخلاف قولي ، فما صحّ من حديث النبي أولى ولا تقلّدوني ).
وقال : ( كلّ مسألة صحّ فيها الخبر عن رسول الله ( صلىاللهعليهوآلهوسلم ) عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد مماتي ).
قال الربيع بن سليمان : سمعت الشافعي يقول : ( إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله ( صلىاللهعليهوآلهوسلم ) فقولوا بها ودعوا ما قلت ) (٢).
__________________
الإمام المطلبي : ١٢٧ ، جامع بيان العلم وفضله : ٢ / ٣٣. إعلام الموقعين : ١ / ٧٨ ، الإيقاظ : ص ١٨.
١ ـ إعلام الموقعين ج ٢ / ١٩٩.
٢ ـ الحاوي : ص ١٨ ، آداب الشافعي ومناقبه ، ابن أبي حاتم الرازي : ص ٩٣ ، سير أعلام النبلاء ، ١٠ / ٣٣ ، القول المفيد : ص ٦٢ ، إعلام الموقعين ٢ / ٢٨٥ ، مختصر المؤمل ، أبي شامة : ص ٥٨ ، إرشاد النقاد : ص ١٤٢ ، الإيقاظ : ص ٥٠وص ١٠٠ ، تحفة الأنام : ص ٣٤ ، تاريخ دمشق لابن عساكر : ٥١ / ٣٨٩ ، أبو نعيم ٩ / ١٠٧ ، المجموع ،