وقوله : ( ولا تسألون ) معناه لا تطالبون. والسؤال الطلب. وهو أيضاً الإخبار الذي اقتضاه ما تقدّم من الكلام ، أي : لا يقال لكم : لم عصي آباؤكم؟ وإنّما يقال لكم : لم عصيتم ولم ظلمتم )؟ (١).
نعود لحديث المنزلة الذي هو محور هذا البحث بعد أن نقلنا نصوصه من الكتب المعتبرة ، وبيّنا بعضاً مما يجب تبيينه وأمّا من حيث السند فنقول :
كلّ ذي اطّلاع ومطالعة يعلم بأنّ المشهور بين إخواننا من أهل السنّة قطعية أحاديث الصحيحين ، لكن البعض منهم لم يلتزموا بهذه القاعدة ؛ لأنّهم يناقشون في سند حديث المنزلة فلم يسلّموا بصحته رغم أنّه في الصحاح ، فيظهر أنّه ليس هناك قاعدة يلجؤون إليها ويلتزمون بها دائماً ، وإنّما هي أهواء يسمونها قواعد وأسس ، فيطبقونها متى ما شاؤا ويتركونها متى ما شاؤا!!
ورواة هذا الحديث من الصحابة أكثر من ثلاثين ، وربما يبلغون الأربعين رجل وامرأة.
وأقرّ بصحته وتواتره أعلامهم ، يقول ابن عبد البر في الاستيعاب عن هذا الحديث : ( هومن أثبت الأخبار وأصحّها. قال : وطرق حديث سعد بن أبي وقاص كثيرة جدّاً. فذكر عدّة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث ، ثمّ قال : وجماعة يطول ذكرهم ). ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري بعد أنّ يذكر أسامي عدّة من الصحابة ، ويروي نصوص روايات جمع منهم يقول : ( وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي ) (٢).
__________________
١ ـ التبيان ، الشيخ الطوسي ، تفسير الآية المذكورة ١ : ٤٩١.
٢ ـ الاستيعاب٣ : ١٠٩٧ ، وتهذيب الكمال٢ : ٤٨٣ ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ : ٦٠.