كلّ المسلمين ، وهذا أسلوب إنسا ن متعصّب لا يريد الحق ، ولن يضرّ إلّا نفسه يوم يكون الخصيم محمّد صلىاللهعليهوآله.
نضيف لدليل النقل دليلاً عقلياً يقبله كلّ ذي لبّ ، وهو على صيغة سؤال : هل يصح أن نصدّق أنّ النبي صلىاللهعليهوآله ترك أُمّته سدى ، وفي فوضوية لاحدّ لها يختلفون ويتقاتلون ، وتراق آلاف الدماء المسلمة ، فلو صدّقنا ذلك لكذّبنا عقولنا وتفكيرنا ، فإنّ الإسلام جاء رحمة لينقذ العالم من الهمجية والجاهلية الأولى ، فإنّ من كان كذلك لابدّ أنّ يكون أعظم سياسي في العالم كلّه ، فلا يخفى عليه مثل هذا الأمر العظيم لصلاح العالم بأسره مدى الدهر ، أو يعلم به ولا يضع له حدّاً فاصلاً؟!
وهل يرضى لنفسه عاقل يتولّى شؤون بلده فضلاً عن أُمّتة ، أنّ يتركها تحت رحمة الأهواء واختلاف الآراء ولو لأمد محدود ، وهو قادر على إصلاحها ، حاشا نبيّنا الأكرم صلىاللهعليهوآله من جاء رحمة للعالمين ، ومتمماً لمكارم الأخلاق ، وخاتماً للنبيين ، وقد قال الله تعالى على لسانه بعد حجّة الوداع : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) (١) ، وهو من ثيت عنه أنّه لا يترك المدينة المنوّرة إذا خرج لحرب أو غزاة ، من غير أمير يخلفه عليها ، فكيف نصدّق عنه أنّه أهمل أمر هذه الأمة بعده إلى آخر الدهر ، من دون تعيين خلف بعده يرجعون اليه عند اشتباه الأمور؟! حاشا رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ يترك أمّته كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية ليس لها من يرعاها حقّ رعايتها ، فالعقل لا يصغي إلى إنكار الوصيّة مهما بلغ الإنكار ، وأيّاً كان منكره.
__________________
١ ـ المائدة : ٣.