يقولون : إن أولادك لا يغنون عنك من الله شيئا ، فقدم مالك في سبيل الله ، فيفعل المريض بقولهم ، فيبقى أولاده ضائعين كلا على الناس ، فأمر هؤلاء بأن يخافوا الله في هذا القول. قوله تعالى : ( فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) أي موافقا بأن لا يشيروا بزائد على الثلث.
وفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ (ع) : « إِنَّ آكِلَ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً يَسْتَدْرِكُهُ وَبَالُ ذَلِكَ فِي عَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ » فَقَالَ : « ذَلِكَ أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ اللهَ قَالَ : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ ) وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً )(١).
قوله تعالى : ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) [ ٣٥ / ٢٨ ] قال الشيخ أبو علي (ره) : المعنى : إن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم ، إذ عرفوه حق معرفته وعلموه حق علمه. قال : وعَنِ الصَّادِقِ (ع) : « يَعْنِي بِالْعُلَمَاءِ مَنْ صَدَّقَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَلَيْسَ بِعَالِمٍ ». انتهى (٢).
وفي المغني : جزم النحويون بأن « ما » في هذه الآية كافة ، ولا يمتنع أن تكون بمعنى الذي ، و « العلماء » خبر ، والعائد مستتر في يخشى ـ انتهى.
وذلك مؤكد لما ذكره الشيخ (ره).
وفي كلام بعض الأفاضل : قرئ بنصب الجلالة ورفع العلماء وبالعكس ، على أن تكون الْخَشْيَةُ مستعارة للتعظيم ، وفيه بعد.
وفي بعض مؤلفات المحقق الطوسي ما حاصله : أن الْخَشْيَةَ والخوف ـ وإن كانا في اللغة بمعنى واحد ـ إلا أن بين خوف الله وخَشْيَتِهِ في عرف أرباب القلوب فرقا ، وهو أن الخوف تألم النفس من
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٣٤٦.
(٢) الحديث في البرهان ج ٣ ص ٣٦١.