وأما قوله تعالى : ( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) فقيل : هو من باب التعريض كما يقول أحدنا : « أنا كاذب » وأنت تعلم أنه صادق.
ومثله حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ لِفُلَانٍ : « أَشْهَدُ أَنَّ النَّبِيَّ (ص) قَالَ : أَشْهَدُ إِنِّي أَوْ إِيَّاكَ لَفِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ». يريد أنك ولكنه ألقاه إليه تعريضا.
( أيا )
قوله : ( لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ ) هي جمع « آية » وهي العبرة.
والآيات : العلامات والعجائب.
قوله : ( ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ) قيل : هي شهادة الصبي ، والقميص المخرق من دبر ، واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب ، فلما عصاها لم تزل مولعة بزوجها حتى حبسه.
قوله : ( فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ ) أي علامات واضحات ، وهي ـ على ما جاءت به الرواية ـ أثر قدمي إبراهيم (ع) والحجر الأسود ومنزل إسماعيل (ع). قوله : ( لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) قَالَ الشَّيْخُ إبو عَلِيٍ (١) : الْآيَاتُ الَّتِي أَرَاهَا اللهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ (ص) حِينَ أَسْرَى بِهِ إِلَى الْبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَنْ حَشَرَ اللهُ عَزَّ ذِكْرُهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، ثُمَّ أَمَرَ جَبْرَئِيلَ فَأَذَّنَ شَفْعاً وَأَقَامَ شَفْعاً ، وَقَالَ فِي أَذَانِهِ : « حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ » ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالْقَوْمِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُمْ : « عَلَى مَ تَشْهَدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ » قَالُوا : « نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُهُ أَخَذَ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمِيثَاقَنَا » انتهى ، ومنه يعلم جواب من يقول : كيف قال
__________________
(١) المراد به فيما مضى ويأتي كثيرا هو الشيخ أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، توفي سنة ٥٤٨ ه في سبزوار وحملت جنازته إلى مشهد الرضا (ع) له تأليف قيمة كثيرة أشهرها تفسيره ( مجمع البيان في تفسير القرآن ) طبع في إيران وصيدا وبيروت.