بَيْتِكَ (١).
قوله تعالى : ( وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) [ ٥٣ / ٣٧ ] أي وَفَّى سِهَامَ الْإِسْلَامِ امْتُحِنَ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَعَزَمَ عَلَيْهِ وَصَبَرَ عَلَى عَذَابِ قَوْمِهِ وَاخْتَتَنَ فَصَبَرَ عَلَى مَضَضِهِ ، فَقَدْ وَفَّى حُدُودَ مَا أُمِرَ بِهِ. وقيل : وَفَّى بمعنى وَفَى لكنه آكد وَفِي الْحَدِيثِ : سُئِلَ (ع) مَا مَعْنَى ( وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى )؟ قَالَ : كَلِمَاتٌ بَالَغَ فِيهِنَّ قُلْتُ : وَمَا هُنَّ؟ قَالَ : كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ : أَصْبَحْتُ وَرَبِّي مَحْمُودٌ أَصْبَحْتُ وَلَا أُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً وَلَا أَدْعُو مَعَهُ إِلَهاً وَلَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً ـ ثَلَاثاً (٢).
قوله تعالى : ( إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ) [ ٨٣ / ٢ ] من قولهم : « اسْتَوْفَيْتُ عليه الكيل » أخذته منه تماما وَافِياً ، و « على » هذا بمعنى « من » وأَوْفَيْتُهُ : أتممته ، قال تعالى : ( وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ ) [ ١٧ / ٣٥ ] و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) [ ٥ / ١ ]. والْوَفَاءُ ضد الغدر ، يقال : « وفَى بعهده » إذا لم يغدر.
قوله تعالى : ( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ ) [ ٢ / ١٧٧ ] رفع الْمُوفُونَ عطفا على ( مَنْ آمَنَ ) ، ونصب ( الصَّابِرِينَ ) على المدح. قيل : ويدخل في الْوَفَاءِ بالعهد النذر وكلما التزمه المكلف من الأعمال ، وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ. فليكن آخر قوله : ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) والمكيال الْأَوْفَى عبارة عن نيل الثواب الوافي.
والْوَفَاةُ : الموت. وتَوَفَّاهُ الله : قبض روحه.
ووَافَى فلان : أتى. ووَافَيْتُهُ مُوَافَاةً : أتيته ، ومثله وَافَيْتُ القوم.
وَفِي حَدِيثِ الْحَجَرِ : « فَاشْهَدْ لِي
__________________
(١) انظر البرهان ج ٤ ص ٤٥١ والدّرّ المنثور ج ٦ ص ٢٩٩.
(٢) البرهان ج ٤ ص ٢٥٤.