« إن الله عالم في الأزل بمقتضيات الأشياء فقدر كل شيء على وفق علمه ».
وفِي الْخَبَرِ : « الْأَقْرَعُ وَالْأَبْرَصُ وَالْأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ ». أي قضى بذلك ، وهو معنى البداء هاهنا لأن القضاء سابق.
ومثله فِي الْيَهُودِ : « بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ ». أي ظهر له إرادة وقضاء مجدد بذلك عند المخلوقين.
وفِي حَدِيثِ الصَّادِقِ (ع) : « مَا بَدَا لِلَّهِ فِي شَيْءٍ كَمَا بَدَا لَهُ فِي إِسْمَاعِيلَ ابْنِي ». يعني ما ظهر له سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في إسماعيل ابني ، إذ اخترمه قبلي ليعلم أنه ليس بإمام بعدي ـ كذا قرره الصدوق (ره).
وفِي حَدِيثِ الْعَالِمِ (ع) : « الْمُبْرَمُ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ ذَوَاتِ الْأَجْسَامِ الْمُدْرَكَاتِ بِالْحَوَاسِّ مِنْ ذَوِي لَوْنٍ وَرِيحٍ وَوَزْنٍ وَكَيْلٍ ، وَمَا دَبَّ وَدَرَجَ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ وَطَيْرٍ وَسِبَاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ فَلِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ الْبَدَاءُ مِمَّا لَا عَيْنَ لَهُ ، فَإِذَا وَقَعَ الْعَيْنُ الْمَفْهُومُ الْمُدْرَكُ فَلَا بَدَاءَ وَ ( اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ ) ». وفيه من توضيح معنى البداء ما لا يخفى (١).
وقال الشيخ في العدة : وأما الْبَدَاءُ فحقيقته في اللغة : الظهور ، ولذلك يقال : « بَدَا لنا سور المدينة » و « بدا لنا وجه الرأي » قال تعالى : ( وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا ) ، ( وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا ) ويراد بذلك كله : ظهر.
وقد يستعمل ذلك في العلم بالشيء بعد أن لم يكن حاصلا ، وكذلك في الظن ، فأما
__________________
(١) قد ثبت في الأحاديث الصحاح أن لله علما مكنونا يكون منه البداء وله علم مبذول يكون فيه البداء ، وهو المكتوب في اللوح ، وهو المراد من « المبرم من المفعولات » وقد ظهر أن في القول بالبداء انقطاعا للعبد إلى الله في كل حال ، وفيه وقوف للعبد في مقام العبودية ، ولذا ما عظم الله بشيء مثل البداء كما ذكره. وقد صححنا الحديث على الكافي كتاب التوحيد باب البداء ـ ن.