نَهْدِ بالنون وعلى ذلك فيكون ( أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ ) منصوب الموضع ، بمعنى أولم نبين لهم هذا الشأن ، ولذلك عديت الْهِدَايَةُ باللام لأنه بمعنى التبيين.
قوله تعالى : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) [ ٢ / ٢ ] فإن قيل : لم قال ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) والمتقون مُهْتَدُونَ؟ قلنا : هو مثل قولك للعزيز المكرم : « أعزك الله وأكرمك » تريد طلب الزيادة إلى ما هو ثابت فيه واستدامته كقوله : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) [ ١ / ٦ ].
قوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ ) [ ٣٢ / ٢٦ ] أي أولم يبين لهم.
قوله تعالى : ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) [ ٢١ / ٧٣ ] أي يَهْدُونَ إلى شرائعنا ، ويقال : يدعون إلى الإسلام.
قوله تعالى : ( أَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ ) [ ١٢ / ٥٢ ] أي لا يمضيه ولا ينفذه ، ويقال : لا يصلحه.
قوله تعالى : ( فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) [ ٦ / ٩٠ ] يريد بطريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده وعدله ، دون الشرائع فإنها يتطرق إليها النسخ أو بتبليغ الرسالة ، والهاء للوقف.
قوله تعالى : ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ ) [ ٤١ / ١٧ ] أي عرفناهم وبينا لهم الحق ودعوناهم إليه ( فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ) وهم يعرفون.
والْهُدَى الرشاد والدلالة والبيان ، يذكر ويؤنث.
والْهُدَى هُدَيَانِ : هُدَى دلالة فالخلق به مَهْدِيُّونَ ، وهو الذي تقدر عليه الرسل ، قال تعالى : ( إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) فأثبت له الْهُدَى الذي معناه الدلالة والدعوة والبينة. وتفرد هو تعالى بِالْهُدَى الذي معناه التوفيق والتأييد كما قال تعالى : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) وقال : ( إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) وقال : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) وقال : ( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ. سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ