بالَهُمْ ).
قوله تعالى : ( حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) [ ٢ / ١٩٦ ] الْهَدْيُ والْهَدِيُ على فعيل لغتان ، وهو ما يُهْدَى إلى بيت الله الحرام من بدنة أو غيرها ، الواحدة « هَدْيَةٌ » و « هَدِيَّةٌ ».
قوله تعالى : ( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ ) [ ٢٧ / ٣٥ ] قِيلَ : بَعَثَتْ حِقَّةً وَفِيهَا جَوْهَرَةٌ عَظِيمَةٌ وَقَالَتْ لِلرَّسُولِ : قُلْ لَهُ : يَثْقُبُ هَذِهِ الْجَوْهَرَةَ بِلَا حَدِيدَةٍ وَلَا نَارٍ ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ ، فَأَمَرَ سُلَيْمَانُ بَعْضَ جُنُودِهِ مِنَ الدِّيدَانِ فَأَخَذَ خَيْطاً فِي فِيهِ ثُمَّ ثَقَبَهَا وَأَخْرَجَ الْخَيْطَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ (١). وعَنِ الزَّمَخْشَرِيِ : أَنَّهَا بَعَثَتْ إِلَى النَّبِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ (ع) خَمْسَمِائَةِ غُلَامٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الْجَوَارِي وَحَلَّاهُنَّ وَخَمْسَمِائَةِ جَارِيَةٍ عَلَى زِيِّ الْغِلْمَانِ وَكُلُّهُمْ عَلَى سُرُوجِ الذَّهَبِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَأَلْفَ لَبِنَةٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَتَاجاً مُكَلَّلاً بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَحِقّاً فِيهِ دُرَّةٌ سَمِينَةٌ وَجَزِعَةٌ مُعْوَجَّةُ الثَّقْبِ ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَشْرَافِ قَوْمِهَا وَهُمَا مُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَأَخُرْدَارَ وَهُمَا ذَوَا عَقْلٍ وَقَالَتْ : إِنْ كَانَ نَبِيّاً مَيَّزَ بَيْنَ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي وَثَقَبَ الدُّرَّةَ ثَقْباً مُسْتَوِياً وَسَلَكَ فِي الْخَرَزَةِ خَيْطاً ، ثُمَّ قَالَتْ لِلْمُنْذِرِ : إِنْ نَظَرَ إِلَيْكَ نَظَرَ غَضْبَانٍ فَهُوَ مَلِكٌ فَلَا يَهُولَنَّكَ أَمْرُهُ وَإِنْ رَأَيْتَهُ بَشّاً لَطِيفاً فَهُوَ نَبِيٌّ ، فَأَعْلَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ (ع) بِذَلِكَ فَأَمَرَ الْجِنَّ فَضَرَبُوا لَبِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَفَرَشُوهَا فِي مَيْدَانٍ طُولُهُ سَبْعَةُ فَرَاسِخَ وَأَخْطَئُوا مَكَانَ أَلْفِ لَبِنَةٍ ، فَلَمَّا وَصَلَا إِلَيْهِ مَيَّزَ الْغِلْمَانَ مِنَ الْجَوَارِي وَثَقَبَ الْجَذَعَةَ وَسَلَكَ فِي ثَقْبِهَا خَيْطاً وَفَرَشَ اللَّبِنَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ الَّتِي تَرَكُوهَا خَالِيَةً كَأَنَّ تِلْكَ اللَّبِنَةَ سُرِقَتْ مِنْ ذَلِكَ اللَّبِنِ وَقَدْ تَلَقَّاهُ بِاللُّطْفِ وَالْبَشَاشَةِ (٢).
__________________
(١) انظر البرهان ج ٣ ص ١٩٨.
(٢) هذه القصة مذكورة عن ابن عباس انظر قصص الأنبياء للجزائري ص ٥٢٩.