تتكيف عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِقَدْرِهِ ».
وأما « الْهَوَى » بالقصر من « هَوَى النفس » فجمعه أهواء ، والعمل به باطل شرعا ، وعليه
الْحَدِيثُ : « لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِهَوًى وَلَا رَأْيٍ وَلَا مَقَايِيسَ ».
قيل : العمل بِالْهَوَى طريقة من تقدم ، والعمل بالرأي طريقة من أخذ بالاجتهاد الذي لا يرجع إلى كتاب ولا سنة ، والعمل بالمقاييس العمل بالرأي أيضا ، فهو من عطف الخاص على العام.
ومنه : « الرَّجُلُ يَكُونُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ الْحَرُورِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ » ـ الحديث.
ومثله « أَهْوَاءٌ متشتتة » وإنما قال بلفظ الجمع تنبيها على أن لكل واحد من هؤلاء القوم هَوًى غير هَوَى الآخر. قال : هوى كل واحد لا يتناهى فيسلك كل منهم فجا غير فج الآخر ، ولا تتناهى حيرتهم وضلالتهم أبدا ، ولا تنفق كلمتهم.
وَفِي حَدِيثِ إِدْرَاكِ الْقَلْبِ : « وأَمَّا الْقَلْبُ فَإِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الْهَوَاءِ ». قيل : المراد من الْهَوَاءِ عالم الأجسام ، أي الْهَوَاءِ وما في حكمه من جهة الجسمية ، والمراد أن القلب متمكن من إدراك الأجسام ولا يتمكن من إدراك ما ليس بجسم ولا جسماني ، وتمكنه من إدراك عالم الأجسام على وجه التخييل والتمثيل.
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِعَاذَةِ : « وأَعُوذُ بِكَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُظْلِمُ الْهَوَاءَ ». وهي كما جاءت به الرواية السحر والكهانة والإيمان بالنجوم والتكذيب بالقدر وعقوق الوالدين.
وقولهم : « هَوَى هَوَى » أي هلك هلك ، ومنه : « كَمْ مِنْ دَنِفٍ نَجَا وَصَحِيحٍ قَدْ هَوَى ». أي مات وهلك.
وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ : « إِنَّمَا أَتَقَبَّلُ مِنَ الْعَبْدِ هَوَاهُ وَهِمَّتَهُ ». فسر الْهَوَى والهمّة بالنية وأن يكتب له ثواب الأعمال بنياته.