وفيه تأويل (١).
و « الْبَاقِي » من صفاته تعالى ، وهو من لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ينتهي إليه.
( بكا )
قوله تعالى : بُكِيًّا هو جمع « بَاكٍ » وأصله « بُكُوي » على فعول ، فأدغمت الواو في الياء.
ويقال : « الْبَكِيّ » على فعيل : الكثير البكاء ، و « الْبُكِيُ » على فعول جمع « بَاكٍ ».
قوله : ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَيَبْكِي عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ مُصَلَّاهُ وَبَابُ ارْتِفَاعِ عَمَلِهِ. وقيل : معناه أهل السماء ، فحذف ، وقيل : العرب تقول إذا هلك العظيم فيها : « بَكَتْ عليه السماء وكسفت لموته الشمس ».
وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ لِلْحَسَنِ (ع) : « وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ». قال بعض أهل التحقيق : وهذا لا يستقيم على ظاهره على قواعد الإمامية القائلين بالعصمة ، وقد ورد مثله كثيرا في الأدعية المروية عن أئمتنا (ع) وقد رَوَى فِي الْكَافِي فِي بَابِ الِاسْتِغْفَارِ عَنِ الصَّادِقِ (ع) : أَنَّ « رَسُولَ اللهِ (ص) كَانَ يَتُوبُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً » (٢). وأمثال ذلك من طريق الخاصة والعامة كثير ، ثم قال : وأحسن ما تضمحل به الشبهة ما أفاده الفاضل الجليل بهاء الدين علي بن عيسى الإربلي في كتاب كشف الغمة ، قال : إن الأنبياء والأئمة (ع) تكون أوقاتهم مستغرقة بذكر الله تعالى ،
__________________
(١) وإلا لورد عليه أن نوحا نقل عظام آدم (ع) من سرنديب إلى النجف ، وموسى نقل عظام يوسف من مصر إلى بيت المقدس ، ونقل رأس الحسين (ع) من كربلا إلى الشام إلى النجف ، والتأويل فيه : أنها ترفع ثم ترجع إلى الأرض لحكمة اقتضت ذلك ، ولما فيه من قطع طمع الأعداء والمنافقين الذين يسبقونهم في قبورهم ، فإذا علموا ذلك انقطع الطلب وكفوا عن ذلك ـ م.
(٢) الكافي ٢ / ٤٣٨.