وقلوبهم مشغولة ، وخواطرهم متعلقة بالملأ الأعلى ، وهم أبدا في المراقبة كما قَالَ (ع) : « اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ». فهم أبدا متوجهون إليه ومقبلون بكليتهم عليه ، فمتى انحطوا عن تلك المرتبة العلية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطيئة فاستغفروا منه ، ألا ترى إلى بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد يأكل ويشرب وينكح وهو يعلم أنه بمرأى من سيده ومالكه يعده ذنبا ، فما ظنك بسيد السادات ومالك الملاك ، وإلى هذا أشار بِقَوْلِهِ (ع) : « إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ بِالنَّهَارِ سَبْعِينَ مَرَّةً » (١). وقَوْلِهِ : « حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ » .. انتهى.
ويجيء في « غين » إن شاء الله تعالى ما يتم به الكلام.
وبَكَى يَبْكِي بُكًى وبُكَاءً ـ بالقصر والمد ـ قيل : القصر مع خروج الدموع ، والمد على إرادة الصوت (٢).
قال في المصباح : وقد جمع الشاعر بين المعنيين ، فقال :
بَكَتْ عيني وحق لها بُكَاهَا |
|
وما يغني الْبُكَاءُ ولا العويل |
وقد تكرر ذكر الْبُكُاءِ في الحديث ، والمبطل منه للصلاة (٣) يحتمل معنيين ، وقصر البعض تحريمه على الممدود لمكان الاستصحاب في صحة الصلاة ، وإطلاق
__________________
(١) يأتي في « غين » حديث مشابه لما ذكره هنا مع تفسيره ـ ن.
(٢) يذكر في « عذب » شيئا في البكاء على الميت ، وفي « عشر » البكاء على الحسين (ع) ، وفي « وله » البكاء لله تعالى ، وفي « غنا » البكاء عند قراءة القرآن ـ ز.
(٣) وهو ما كان للدنيا كذهاب مال أو فقد محبوب ، وأما ما كان للآخرة كبكى ـ بالقصر ـ أو بكاء ـ بالمد ـ من خشية الله تعالى أو ذكر الجنة والنار فهو أفضل الأعمال ، كما نطقت به الأخبار عنهم (ع) ـ وم.