لكثرة الثواب ، ويكون مستثنى من قوله تعالى : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها )(١) هكذا روي الحديث ، ورُوِيَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى : « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي عَلَيْهِ ». وعلى هذا فيمكن أن يقال فيه : هو أن معنى « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ ». بحسب ما يظهر من أعماله الظاهرة بين الملإ فإنها بحسب الظاهر له وإن كانت لله في الباطن ، بخلاف الصوم فإنه لله تعالى لم يطلع عليه أحد سواه ولم يظهر لأحد غيره ، فكان مما استأثر بعلمه دون غيره ، وإذا كان بهذه المرتبة العظيمة عند العظيم الواسع كان هو العالم بالجزاء الذي يستحقه الصائم ، وفيه من الترغيب ما لا يخفى.
وقولهم : « جَزَاهُ الله خيرا » أي أعطاه الله جَزَاءَ ما أسلف من طاعته.
وقولهم : « أجْزَأَتْ عنك شاة » هي لغة في « جزت » بمعنى قضتْ.
و « أجْزَأْتُ عنك مُجْزَأَ فلان » أي أغنيت عنك مَغْنَاه.
و « جَزَّأْتُ الشيء » أي قسمته وجعلته أَجْزَاءَ ، وكذلك التَّجْزِئَةُ.
ومنه : « الملائكة أَجْزَاءٌ » أي أقسام : جُزْءٌ له جناحان ، وجُزْءٌ له ثلاثة ، وجُزْءٌ له أربعة.
وفِي الْخَبَرِ : « الْهَدْيُ الصَّالِحُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ ».
ومثله : « الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ كَذَا ». قال بعض الشارحين : معناه : هذه الخلال ونحوها من شمائل الأنبياء فاقتدوا بهم فيها ، ولا يريد أن النبوة تَتَجَزَّأُ ، ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جُزْءٌ من النبوة.
وفيه : « وأَمَّا خَيْبَرَ فجزأها ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ». أي ثلاثة أقسام ، ووجه ذلك بأن خيبر ذات قرى كثيرة فتح بعضها عنوة وكان له منها الخمس ، وكان بعضها صلحا من غير قتال فكان فيئا خاصا به ، واقتضت القسمة أن يكون الجميع بينه
__________________
(١) يذكر في « خمش » حديثا في آية : ( وجزاء سيّئة سيّئة مثلها ) ـ ز.