الحياة الأخيرة ، ثمَّ يظهره ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما مُلئت ظلماً وجوراً ، وهو التفسير الوحيد الذي ينسجم ويتناسب مع هذه الأحاديث ، ويوجهها توجيهاً شرعياً معقولاً ، ومبنياً على الأسس والأصول الشرعية الثابتة ، دون تعسُّف ، أو تحميل ، أو إعلان عن الإعياء والعجز عن تقديم تفسير واضح لهذه الأحاديث ، أو التوقّف فيها ، كما فعل بعضُ العلماء على ما سيأتي توضيحه وتفصيل الكلام فيه لاحقاً إن شاء الله تعالى.
وهناك قرائن أخرى ذُكرت في الأحاديث المتقدمة تشير إلى مرافقة (الخلفاء الإثني عشر) لمسيرة الرسالة الإسلاميَّة حتى اللحظات الأخيرة ، إذ قد مرّ معنا في الصيغة الثالثة من الهياكل اللفظية ، وكذلك في القواسم المشتركة لأحاديث (الخلفاء الإثني عشر) أنّ الخلفاء كافةً ينتهون نسبياً إلى قبيلة (قريش) ، فعن طريق الجمع بين هذه الأحاديث ، وأحاديث أخرى واردة في الصحاح والكتب المعتبرة لدى أبناء (مدرسة الصحابة) ، والتي تنصُّ على أنَّ أمر الخلافة والقيمومة على المسلمين سيبقى مستمراً في قبيلة (قريش) حتى قيام الساعة.. عن طريق هذا الجمع نستطيع أن نصل الى ذات النتيجة المتقدمة ، وأنَّ هؤلاء (الخلفاء الإثني عشر) سوف يتعاقبون واحداً بعد الآخر على حفظ الرسالة الإسلامية ، وحمايتها ، وصيانتها من التحريف حتى قيام الساعة.
ولنلاحظ ما ينقله لنا (البخاري) كشاهد على هذا القول ، حيث يذكر في صحيحه ما نصّه :
|
(حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا عاصم بن محمد : سمعت أبي يقول : قال ابن عمر : قال رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ) : ـ لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى منهم اثنان) ١. |
وقال (ابن حجر العسقلاني) معلّقاً على هذا الحديث :
______________________
(١) البخاري ، صحيح البخاري ، كتاب الأحكام ، باب : ٢ : الأمراء من قريش ، ح : ٢.