(قوله
: (ما بقى منهم اثنان) قال ابن هبيرة : يحتمل أن يكون على ظاهره ، وأنَّهم لا يبقى منهم في آخر الزمان إلّا اثنان : أمير ، ومؤ مَّر عليه ، والنّاس لهم تبع) ١. وهذا يدلّ بناءاً على ما هو ظاهر من
قوله : (والنّاس لهم تبع) على بقاء أمر الخلافة بعد رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ)
إلى آخر الدنيا. على الرغم من أنَّنا نستبعد تفسير
الحديث بالطريقة المذكورة في حديث (أبي هبيرة) ، لأنّ النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ
وآلِهِ وسَلَّمَ) لا يريد أن يخبر في
الحديث المذكور بأنّه لا يبقى في آخر الزمان إلا شخصان من (قريش) ، وأنّ النّاس يفنون عن آخرهم إلّا هذين الشخصين ، بل يريد (صَلّى اللهُ عليهِ
وآلِهِ وسَلَّمَ) أن يخبر بأنّ الأمر
مستمرّ في (قريش) في مختلف الأحوال والأزمنة ، حتى بفرض أنّه لا يبقى من الناس إلّا اثنان ، فيكون أحدهما أميراً من (قريش) ، والآخر مؤمَّر عليه ، وليس بالضرورة أن
يقع ذلك ، ولا يبقى من النّاس بالفعل إلّا اثنان ، وهذا النوع من التعبير يكثر في
الخطابات الشرعية ، والحوارات العرفية ، على نحو العموم بالدلالة التي ذكرناها له ، ومثال
ذلك ما لو قال قائل : (ما
يزال القرآن محفوظاً بقدرة الله تعالى ما دام على وجه الأرض آدميٌّ واحد) ، ففي هذا التعبير
دلالة على الإستمرار والدوام ، وليس المقصود منه إثبات وجود آدميّ واحد في آخر الدنيا. ويؤيد هذا الخبر ما رواه (ابن حجر
العسقلاني) في نفس الموضوع حيث يقول : (قلت
: في رواية مسلم عن شيخ البخاري في هذا الحديث : (ما بقي من النّاس اثنان) ، وفي رواية الإسماعيلي : (ما بقي من النّاس اثنان ، وأشار بإصبعيه السّبابة والوسطى) ٢.
______________________
(١) العسقلاني ، ابن حجر ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ج : ١٣ ، ص : ١١٧.
وانظر : صحيح مسلم بشرح النورى ، ج : ١٢ ، ص : ٢٠١.
(٢) ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ج : ١٣ ، ص : ١١٧.
وانظر : صحيح مسلم بشرح النووي ، ج : ١٢ ، ص : ٢٠١.