ويضيف (العسقلاني) في توضيح الحديث : (وجه
الدَّلالة من الحديث ليس من جهة تخصيص قريش بالذكر ، فإنّه يكون مفهوم لقب ، ولا حجَّةَ فيه عند المحقّقين ، وإنَّما الحجة وقوع المبتدأ معرّفا باللام الجنسيَّة ، لأنَّ المبتدأ بالحقيقة ههنا هو الأمر الواقع صفة لهذا ، وهذا لا يوصف إلا بالجنس ، فمقتضاه حصر جنس الأمر في قريش ، فيصير كأنَّه قال : لا أمر إلّا في قريش) ١. وهذا الكلام منه أوضح في الدلالة على
المطلوب. وأمّا (النووي) فيعتبر الملاك في الحديث
هو استمرار أمر الدين الحنيف ما دام هناك بشر على وجه الأرض ، فيقول في تفسير الرواية المتقدمة التي نقلت من طريق (عبدلله بن عمر) : (حكم
حديث ابن عمر مستمر إلى يوم القيامة ما بقي من الناس اثنان) ٢. ومن البديهى أنَّ من غير الحكمة أن يترك
النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)
تشخيص هؤلاء الخلفاء لتأويلات المتأولين ، واجتهادات المجتهدين ، وليس من الممكن أن يبقى الأمر مبهماً ، ومرتبكاً بالشكل الذي يوقع المسلمين في عدم القدرة على تحديد الموقف ، وتشخيص هويَّة هؤلاء الخلفاء الذين يلون أمر النّاس ، وينتهون
نسبياً إلى قبيلة (قريش) ، إذ أنّ هذا الإجراء يتقاطع مع مهمَّة رسول الإنسانية (صَلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ)
في رسم المسار الصحيح للأمّة الإسلاميَّة ، وإجلاء معالمها بكلّ وضوح ، وبأكبر قدر ممكن من المواقف والأحاديث.
______________________
(١) ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ج : ١٣ ، ص : ١١٧.
وانظر : ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري ، ج : ١٥ ، ح : ٧١٤٠ ، ص : ١٠٤.
(٢) ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ج : ١٣ ، ص : ١١٧.
وانظر : ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري ، ج : ١٥ ، ح : ٧١٤٠ ، ص : ١٠٤.