بينما لا يرون أنَّ من الواجب عليهم الإيمان والإذعان لما رواه الآخرون بأي شكل كان ، وليس في ذلك خروج لهم عن الدين ، فالدين هو ما يريدونه ، ويكتبونه بطريقتهم الخاصَّة ، لا ما يعتقد به ، ويكتبه الآخرون !
فما نؤكد عليه هنا هو أننا توخينا من إخراج حديث (الخلفاء الاثني عشر) في مصادر (مدرسة الصَّحابة) ، وإثبات صحته سندياً لديهم ، ومن ثم تخريج الأحاديث التي وردت من طرقهم وهي تذكر الأسماء بالتفصيل ، إنَّ الذي توخيناه لا يعدّ أن يكون إلزاماً لهم بما ألزموا به أنفسهم ، وتكريساً للحجَّة ، وتوطيداً للدليل والبرهان ، ليتضح الحق ، ويسفر الصبح لذي عينين.
وعلى أيَّة حال فلنرجع إلى إستعراض بعض الشواهد لما أثبتناه في العنوانين السابقين الذين يعود إليهما سبب كتمان أحاديث الخلافة النبوية ، فمن جانب نرى أنَّ الأحداث التي وقعت بعد رحيل رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إلى الرفيق الأعلى جعلت البعض ممن أغوته الرئاسة ، وطمع في تسنُّم منصب قيادة المسلمين ، يساهم في إبعاد الحقِّ عن أهله ، ويقصي (الخلفاء الإثني عشر) وعلى رأسهم عليَّ بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ) عن دائرة المنافسة ، ومن جانب آخر نرى أنَّ ثمرة هذا الإقصاء تمخضت عن ولادة سياسات ظالمة منحرفة ، في فترة متأخرة عن الفترة الأولى ، كان من مصلحتها إبعاد (الخلفاء الإثني عشر) عن مواقعهم أيضاً لدواعٍ متداخلة ، لأنَّ منهج (الخلفاء الإثني عشر) يعلن المواجهة الصارمة ضدَّ هذه السياسات الجائرة ، الأمر الذي دعى هذه الحكومات إلى محاربة مدرسة (الخلفاء الإثني عشر) ، والسعي الحثيث نحو إطفاء نور علومهم ، وإخماد جذوة معارفهم الجمَّة.
وسنتعرض إلى ذكر هذين الأمرين الأساسيين بشيء من الإجمال ضمن العنوانيين المذكورين.