الإعتقادية ، والمرتكزات الفكرية من خصوص كتبهم الحديثية ، أمر لا يقرُّه ذو عقل مطلقاً.
فنحن لسنا مرغمين على إثبات عقائدنا ، ومبادئنا ، على ضوء سلسلة روائية خاصة ، تنتهي إلى واحدٍ من (الصحاح) أو كتب (مدرسة الخلفاء) الأخرى ، ومن ثمَّ إهمال كلّ ما يرد في المصادر الأخرى ، وعدم النظر فيه ، واعتباره تراثا ميِّتاً ، وغير قابل للعطاء ، إذ كما يفترض أن تكون هذه (الصحاح) مشتملة على بعض الحقائق بين طيّاتها وفقاً لموازين الرواية والحديث ، فكذلك نفترض أن تكون الكتب الروائية لمدرسة (الخلفاء الإثني عشر) مشتملة على حقائق بين طيّاتها أيضاً ، والمعروف أنَّ الميزان في ذلك هو موافقة الحديث الصحيح لتعاليم الكتاب الكريم ، وعدم معارضته إيّاه ، وانتهاء أسانيد الأحاديث إلى الثقات المعتبرين ، فكلّ ما حمل هذه المواصفات فهو مقبول ، وكلّ ما خالف ذلك فهو مرفوض ، سواء أكان ذلك وارداً في كتب مدرسة (الخلفاء الإثني عشر) ، أو (مدرسة الخلفاء) ، من دون أدنى فرق.
إنَّ من الغريب حقاً أن ترى شخصاً يسمح لنفسه في أن يسير وفق منهج معيَّن على أساس ضوابط ومرتكزات خاصَّة ، في الوقت الذي لا يدع فيه فرصة للطرف المقابل في أن يمارس منهجه الإستدلالي على ضوء مبانيه ، ووفق مرتكزاته الخاصَّة ، أو على ضوء تلك الضوابط والأسس ذاتها على أقلّ تقدير.
فمن الجائز في وجهة نظر (مدرسة الصَّحابة) السائدة الأخذ بما رواه (البخاري) ، و (مسلم) ، و (الترمذي) ، و (النسائي) ، و (ابن ماجة) ، و (أحمد).. وغيرهم ، وليس من حقّ أتباع مدرسة (الخلفاء الإثني عشر) الأخذ بما رواه (الكليني) ، و (الصدوق) ، و (الطوسي) ، و (المفيد).. وغير هؤلاء من أئمة المسلمين الكبار ، والموثوقين في أعلى درجات الوثاقة في أمر الفقيا والحديث ، كما أنَّ من المفترض لديهم أن يؤمن الآخرون بكل ما ورد في طرقهم الخاصة ، وأن ينقادوا له ويتعبدوا به ، ويعدّون الخارج عن ذلك خارجاً عن الدين وتعاليم شريعة سيد المرسلين (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) !!