يحمله (زيد) اتجاه أخيه الباقر (عَليهِ السَّلامُ) ، نراه يستشيره في أمر الخروج ، ليجد أنَّ الإمام الباقر (عَليهِ السَّلامُ) يخبره بما رواه عن جده رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) بخصوص مدة ملك بني أمية ، وما يعلمه من أنَّ أخاه سوف يُقتل ويُصلب إن هو فعل ذلك ، أمّا هو (عَليهِ السَّلامُ) فقد آثر أن يتجه في مسارٍ آخر يحفظ فيه تعاليم الإسلام وحدوده ، من خلال عطائه الفكري الجبّار الذي خلَّفه بين يدي المسلمين ، على أن لا يحرم أخاه الثائر التأييد ، والمساندة ، والإجلال ، ولنقرأ لـ (المسعودي) في (مروج الذهب) النصَّ الذي يقول :
|
(وقد كان زيد بن علي على شاور أخاه أبا جعفر الباقر بن علي بن الحسين بن علي ، فأشار عليه بأن لا يركن إلى أهل الكوفة ، إذ كانوا أهل غدرٍ ومكر ، وقال له : ـ وبها قُتل جدك علي ، وبها طُعن عمُّك الحسن ، وبها قُتل أبوك الحسين ، وفيها وفي أعمالها شُتمنا أهل البيت. وأخبره بما كان عنده من العلم في مدة ملك بني مروان ، وما يتعقبهم من الدولة العباسية ، فأبى إلّا ما عزم عليه من المطالبة بالحق ، فقال له : ـ إنِّي أخاف عليك يا أخي أن تكون غداً المصلوب بكناسة الكوفة. وودعه أبو جعفر ، وأعلمه أنَّهما لا يلتقيان) ١. |
ونرى أنَّ (أبا الفرج الإصفهاني) يثبِّت لنا في (مقاتل الطالبين) حقيقة إجلال الإمام محمد الباقر (عَليهِ السَّلامُ) لأخيه (زيد) ، وحبه وإحترامه إيّاه ، عندما يقول على لسان أحد أصحاب الإمام الصادق (عَليهِ السَّلامُ) :
______________________
(١) المسعودي ، مروج الذهب ، ج : ٣ ، ص : ٢٠٦.