الراوين للخبر ، فوجوده ليس مجرد صدفة ولكن شيئاً وُجد في تلك السنة جعل الناس يعتقدون بحدوث الكسوف ، وبمعنىٰ آخر حتىٰ لو صار الحدث التاريخي كذباً فإن الحالة تثبت بوجود أشياء تسببت في نشوء هذه الكذبة ، ومنه لابد من دراسة كل الجوانب المحيطة بالخبر وليس فقط عين الخبر.
وأسلفنا سابقاً كون التقاطع الذي حصل بين الكنيسة ودعاة التحرير هو المدعاة لتلك الثورة المعرفية ، بعدما أحسّ الناس بجمود في الدين الذي يعتقدونه واعتباره العائق نحو التقدم.
وكانعكاس علىٰ الساحة الإسلامية فإن التقاطع الحاصل والذي يجب التخلص منه هو هذا التاريخ المتجمد من أجل التحرر ، إذ أن المجتمع الذي لم يعرف ثورة علمية فإن تاريخه مجمَّد يدخل الكون الزمان ويخرج منه في اللحظة كما تشير إلىٰ ذلك كلمة وقع ، ولا يوجد فرق في هذه الحالة بين التاريخ والرواية ، الماضي والحاضر ، الفرد والجماعة (١).. .
وتتميّز كذلك الدراسات بانعدام الجرأة العلمية لاقتحام ذلك الركام التاريخي رغم الاقتناع الكامل بكون الخلل هناك موجود مخافة الوقوع في منزلقات وهمية تركبت بذهنية البعض جراء التعامل المهيب والمقدس مع التاريخ الديني ، والذي اكتسب قدسيته بإيحاءات سلطانية فأعطت له صبغة شرعية.
______________
(١) مفهوم التاريخ ، عبد الله العروي : ٢ / ٤٠٣.